للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- مسألة: نقل الزكاة من بلد إلى بلد آخر لا يخلو من أمرين:

الأمر الأول: أن ينقلها من بلد لا مستحِقَّ فيه إلى آخر: فيجوز اتفاقاً؛ لأن معاذاً رضي الله عنه بعث إلى عمر رضي الله عنه بثلث صدقة أهل اليمن، فأنكر ذلك عمر، وقال: «لَمْ أَبْعَثْكَ جَابِيًا وَلَا آخِذَ جِزْيَةٍ، وَلَكِنْ بَعَثْتُكَ لِتَأْخُذَ مِنْ أَغْنِيَاءِ النَّاسِ فَتَرُدَّهَا عَلَى فُقَرَائِهِمْ»، فقال معاذ: «مَا بَعَثْتُ إِلَيْكَ بِشَيْءٍ وَأَنَا أَجِدُ أَحَدًا يَأْخُذُهُ مِنِّي»، فلما كان العام الثاني بعث إليه شطر الصدقة، فتراجعا بمثل ذلك، فلما كان العام الثالث بعث إليه بها كلها، فراجعه عمر بمثل ما راجعه قبل، فقال معاذ: «مَا وَجَدْتُ أَحَدًا يَأْخُذُ مِنِّي شَيْئًا» [أبو عبيد في الأموال ١٩١٢، وضعفه الألباني]، وعليه حمل الإمام أحمد ما روي من نقل الزكاة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه.

ويفرقها في أقرب البلاد إليه؛ لأنهم أولى.

الأمر الثاني: أن ينقلها من بلد فيه مستحق لها إلى آخر، فعلى قسمين:

الأول: أن ينقلها لدون مسافة قصر: فيجوز؛ لأنه في حكم بلد واحد، بدليل أحكام السفر ورُخَصِه.

الثاني: أن ينقلها إلى ما تُقصر فيه الصلاة، وأشار إليه بقوله: (وَحَرُمَ نَقْلُهَا) أي: الزكاة، ولو لرحم وشدة حاجة (إِلَى مَسَافَةِ قَصْرٍ إِنْ وُجِدَ أَهْلُهَا)؛ لحديث معاذ رضي الله عنه مرفوعاً: «فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ، فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ الله قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ» [البخاري ١٤٩٦،

<<  <  ج: ص:  >  >>