القسم الثاني: أن تفطرا خوفاً على أنفسهما وخوفاً على ولديهما: قضتا الصيام فقط، ولا فدية؛ لما سبق في القسم الأول.
القسم الثالث: وأشار إليه بقوله: (أَوْ) أن تفطرا خوفاً (عَلَى وَلَدَيْهِمَا) فقط: فيجب القضاء، (مَعَ الإِطْعَامِ) لكل يوم مسكيناً، على ما تقدم في إطعام المريض الذي لا يرجى برؤه، جنساً وقدراً وكيفيةً؛ لقول ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى:(وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين)[البقرة: ١٨٤]: «رُخِّصَ لِلشَّيْخِ الْكَبِيرِ، وَالْعَجُوزِ الْكَبِيرَةِ فِي ذَلِكَ وَهُمَا يُطِيقَانِ الصَّوْمَ أَنْ يُفْطِرَا إِنْ شَاءَا، وَيُطْعِمَا مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا، ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ:(فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ)[البقرة: ١٨٥]، وَثَبَتَ لِلشَّيْخِ الْكَبِيرِ وَالْعَجُوزِ الْكَبِيرَةِ إِذَا كَانَا لَا يُطِيقَانِ الصَّوْمَ، وَالحُبْلَى وَالمُرْضِعِ إِذَا خَافَتَا عَلَى أَوْلَادِهِمَا أَفْطَرَتَا وَأَطْعَمَتَا»، ونحوه عن ابن عمر رضي الله عنهما [البيهقي ٨٠٧٨، ٨٠٧٩]، وأما ما ورد عن ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم في الإطعام وعدم القضاء، فقال أحمد:(إذا أفطرت تقضي وتطعم، أذهب فيه إلى حديث أبي هريرة رضي الله عنه)، قال ابن قدامة:(يعني: ولا أقول بقول ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم في منع القضاء).
واختار ابن باز وابن عثيمين: وجوب القضاء دون الإطعام؛ لظاهر حديث أنس بن مالك الكعبي السابق إذ جعل المسافر والحامل والمرضع في حكم واحد، ولقول ابن عباس رضي الله عنهما:«تُفْطِرُ الحَامِلُ وَالمُرْضِعُ فِي رَمَضَانَ، وَتَقْضِيَانِ صِيَامًا، وَلَا تُطْعِمَانِ»[مصنف عبد الرزاق ٧٥٦٤]، ولأنه فطرٌ أبيح لعذر، فلم يجب به كفارة؛ كالفطر لمرض.