للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعمرتكم أن تفصلوا بينهما "، فاختار عمر لهم أفضل الأمور، وهو إفراد كل واحد منهما بسفر ينشئه له من بلده، وهذا أفضل من القران والتمتع الخاص بدون سفرة أخرى)، ثم قال ابن القيم: (فهذا الذي اختاره عمر للناس، فظن من غلط منهم أنه نهى عن المتعة) (١).

وأما لو اعتمر قبل ذلك ثم أراد الحج في سفرة أخرى فالتمتع أفضل من الإفراد، قال شيخ الإسلام: (من سافر سفرة واحدة واعتمر فيها، ثم أراد أن يسافر أخرى للحج، فتمتعه أيضًا أفضل له من الحج، فإن كثيرًا من الصحابة الذين حجوا مع النبي صلى الله عليه وسلم كانوا قد اعتمروا قبل ذلك، ومع هذا فأمرهم بالتمتع، لم يأمرهم بالإفراد، ولأن هذا يجمع بين عمرتين وحجة وهدي، وهذا أفضل من عمرة وحجة) (٢).

واختار شيخ الإسلام: إن القران مع سوق الهدي أفضل من تمتع بلا سوق للهدي؛ لأنه فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع، ولم يكن الله ليختار لنبيه - صلى الله عليه وسلم - المفضول دون الأفضل، وأما قوله - صلى الله عليه وسلم -: " لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي ولحللت معكم " فإنه لم يقله لأجل أن الذي فعله مفضول، بل لأن أصحابه شق عليهم أن يحلوا من إحرامهم مع بقاءه محرمًا، فكان يختار موافقتهم ليفعلوا ما أمروا به عن انشراح وموافقة، وقد ينتقل عن


(١) زاد المعاد (٢/ ١٩٤).
(٢) مجموع الفتاوى (٢٦/ ٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>