الحالة الثالثة: أن ينشئ نية الإحرام وهو في مكة: وأشار إليه المؤلف بقوله: (وَيُحْرِمُ مَنْ) أراد الحج أو العمرة وكان (بِمَكَّةَ):
- إذا كان (لِـ) إحرام بـ (ـحَجٍّ): فإنه يحرم (مِنْهَا) أي: من مكة، اتفاقاً، سواء كان مكيًّا أم آفاقيًّا، ولا يجب عليه أن يخرج إلى الحل أو إلى الميقات؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما السابق: وفيه: «حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ مِنْ مَكَّةَ»، ولحديث جابر رضي الله عنه في الحج قال:«أَمَرَنَا النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أَحْلَلْنَا أَنْ نُحْرِمَ إِذَا تَوَجَّهْنَا إِلَى مِنًى»، قَالَ:«فَأَهْلَلْنَا مِنَ الْأَبْطَحِ»[مسلم: ١٢١٤].
- (وَ) إذا كان (لِـ) إحرامٍ بـ (ـعُمْرَةٍ): فيُحرم (مِنَ الحِلِّ) اتفاقاً، سواء كان من أهل مكة أم من غيرهم، وليس له أن يحرم من الحرم؛ لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: يا رسول الله، اعتمرتم ولم أعتمر، فقال:«يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ، اذْهَبْ بِأُخْتِكَ، فَأَعْمِرْهَا مِنَ التَّنْعِيمِ»[البخاري: ١٥١٨، ومسلم: ١٢١١]، ولقول ابن عباس رضي الله عنهما:«لَا يَضُرُّكَمْ يَا أَهْلَ مَكَّةَ أَلَّا تَعْتَمِرُوا، فَإِنْ أَبَيْتُم فَاجْعَلُوا بَيْنَكُم وَبَيْنَ الحَرَمِ بَطْنَ الوَادِي»[ابن أبي شيبة: ١٥٦٨٨]، ولأن أفعال العمرة كلها في الحرم، فلم يكن بد من الحِل؛ ليجمع في إحرامه بين الحل والحرم.
وأما قوله:«حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ مِنْ مَكَّةَ»، فالمراد به في الحج، جمعاً بين الأدلة.
- مسألة: من كان من أهل فرض الحج - وهو المسلم المكلف الحر