في الحديث، والسباع المؤذية، كالأسد والنمر، والحشرات المؤذية كالبعوض والبراغيث: يسن قتلها - غير الآدمي فلا يباح إلا في أحوال -؛ لحديث عائشة رضي الله عنها مرفوعاً:«خَمْسٌ فَوَاسِقُ، يُقْتَلْنَ فِي الحَرَمِ: الفَأْرَةُ، وَالعَقْرَبُ، وَالحُدَيَّا، وَالغُرَابُ، وَالكَلْبُ العَقُورُ»[البخاري: ٣٣١٤، ومسلم: ١١٩٨]، وثبت عن عمر رضي الله عنه: أنه أمر المحرم بقتل هذه الفواسق [عبد الرزاق: ٨٣٨٠]، ويقاس على ذلك كل مؤذ بطبعه، وكان عمر رضي الله عنه يُقَرِّدُ بعيره وهو محرم ويجعله في الطين [ابن أبي شيبة: ١٥٢٧٤]، أي: كان يزيل حشرة القُراد من بعيره فتموت ويجعلها في الطين، وقال ابن عباس رضي الله عنهما عن تقريد البعير:«لَا بَأْسَ بِهِ»[ابن أبي شيبة: ١٥٢٨١]، وجاءت امرأة إلى ابن عمر رضي الله عنهما فسألته فقالت: إني وجدت قملة فألقيتها، أو قتلتها، قال:«مَا القَمْلَةُ مِنَ الصَّيْدِ»[ابن أبي شيبة: ١٣١٣١]. [*]
واختار شيخ الإسلام في البراغيث: أنه إن قرصه ذلك قتله مجاناً, وإلا فلا يقتله.
الثالث: ما فيه مضرة من وجه ومنفعة من وجه، كالبازي والصقر ونحوه: فيُخَيَّر بين قتله وعدم قتله؛ لأنه لما استوت حالتاه استوى الحال في قتله وتركه.
الرابع: ما لا يؤذي بطبعه وورد النهي عن قتله، كالنمل والنحل ونحوه: فيحرم قتله؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال:«نَهَى رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قَتْلِ أَرْبَعٍ مِنَ الدَّوَابِّ: النَّمْلَةِ، وَالنَّحْلَةِ، وَالهُدْهُدِ، وَالصُّرَدِ»[أحمد: ٣٠٦٦، وأبو داود: ٥٢٦٧، وابن ماجه: ٣٢٢٤]، إلا إذا آذاه، فيباح قتله، واختاره شيخ الإسلام؛ لأنه يكون كالصائل.
[*] قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: ويأتي قريبا (٢/ ٥٨) مزيد عن هذا، ففيه: «ولأن ابن عمر رضي الله عنهما أتاه رجل فقال: إني قتلت قملة وأنا محرم، فقال ابن عمر رضي الله عنهما: «أَهْوَنُ قَتِيلٍ» [البيهقي: ١٠٠٦٥]، ونحوه عن ابن عباس رضي الله عنهما [الشافعي ص ١٣٦].»