الثالثة: أن يفعل المحظور جاهلاً أو ناسياً أو مكرهاً، فلا إثم عليه؛ للعذر، وأما الفدية: فلا تخلو من أمرين:
١ - ما كان من قبيل الإتلاف: وهي خمسة محظورات: الوطء، والمباشرة، والصيد، والتقليم، والحلق، فتجب فيها الفدية ولا تسقط بالعذر؛ لأنه إتلاف، فاستوى عمدها وسهوها وجهلها؛ كإتلاف مال الآدمي، ولأنه تعالى أوجب الفدية على من حلق رأسه لأذى به وهو معذور، فكان ذلك دليلاً على وجوبها على المعذور بنوع آخر.
٢ - ما لم يكن من قبيل الإتلاف، وهي ثلاث محظورات، وأشار إليه بقوله:(وَتَسْقُطُ) أي: الفدية (بِنِسْيَانٍ فِي: لُبْسِ) مخيط، (وَطِيبٍ، وَتَغْطِيَةِ رَأْسٍ)؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الله وَضَعَ عَنْ أُمَّتِي الخَطَأَ، وَالنِّسْيَانَ، وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ»[ابن ماجه ٢٠٤٥]، ولحديث يعلى بن أمية رضي الله عنه لما أحرم بعمرة في جبة بعدما تضمخ بالطيب، قال له النبي صلى الله عليه وسلم:«اخْلَعْ عَنْكَ الجُبَّةَ، وَاغْسِلْ أَثَرَ الخَلُوقِ عَنْكَ، وَأَنْقِ الصُّفْرَةَ»[البخاري: ١٧٨٩، ومسلم: ١١٨٠]، ولم يأمره بالفدية، ولأنها محظورات يمكن تداركها، بخلاف السابقة فلا يمكن تداركها.
وعنه، واختاره ابن عثيمين: أنه لا فدية على الجاهل والناسي والمكره مطلقاً؛ لقوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ}، والصيد إتلاف، وقد قيد جزاء