لما روى أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:«مَنْ أَسْلَفَ فِي شَيْءٍ فَلَا يَصْرِفْهُ إِلَى غَيْرِهِ»[أبو داود ٣٤٦٨، وابن ماجه ٢٢٨٣]، ولأنه مبيع لم يدخل في ضمانه، فلم يجز بيعه قبل قبضه كالمكيل.
وعنه، واختاره شيخ الإسلام وابن القيم: أنه يجوز بيع المسلم فيه قبل قبضه لمن هو في ذمته بشرطين:
١ - أن لا يربح فيه، فيبيعه بثمن المثل أو دونه، ولا يجوز بأكثر منه، قال ابن المنذر:«ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما: «إِذَا أَسْلَفْتَ فِي طَعَامٍ فَحَلَّ الْأَجَلُ، فَلَمْ تَجِدْ طَعَامًا، فَخُذْ مِنْهُ عَرَضًا بِأَنْقَصَ، وَلَا تَرْبَحْ عَلَيْهِ مَرَّتَيْنِ»[عبد الرزاق ١٤١٢٠]، ولأن المانع من بيع الدين هو خوف العجز عن التسليم، ولا مانع هنا؛ لأن ما في ذمة المدين مقبوض له، فإذا دفع ثمنه للدائن كان ذلك بيعَ مقبوض بمقبوض، ولا يجوز بأكثر من قيمته؛ لأن دين السلم مضمون على البائع ولم ينتقل إلى ضمان المشتري، فلو باعه المشتري على المسلم إليه بزيادة، فقد ربح المشتري فيما لم يضمن، وأما حديث أبي سعيد فأعله أبو حاتم وغيره.
٢ - التقابض إذا كان مما يجري بينهما ربا النسيئة، كما لو كان المسلم فيه برًّا فاعتاض عنه بشعير.