للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما لو استقرض بُرًّا جيدًا فوفَّاه أجود منه؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان لرجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم حق، فأغلظ له، فَهَمَّ به أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ لِصَاحِبِ الحَقِّ مَقَالًا»، فقال لهم: «اشْتَرُوا لَهُ سِنًّا، فَأَعْطُوهُ إِيَّاهُ»، فقالوا: إنا لا نجد إلا سنًّا هو خير من سِنِّه، قال: «فَاشْتَرُوهُ، فَأَعْطُوهُ إِيَّاهُ، فَإِنَّ مِنْ خَيْرِكُمْ، أَوْ خَيْرَكُمْ أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً» [البخاري ٢٣٠٦، ومسلم ١٦٠١]، ولأنه لم يجعله عوضًا في القرض، ولا وسيلة إليه ولا إلى استيفاء دينه، أشبه ما لو لم يكن قرض.

وأما إن وفاه أكثر منه في القدر، كما لو استقرض ألف دينار ثم ردها ألفاً ومائة، فلا يجوز؛ لأنه قرض جر نفعاً، فكان ربًا، إلا إن كانت أرجح يسيرًا في قضاء ذهب أو فضة (١)، فيجوز؛ لحديث سُوَيد بن قيس رضي الله عنه قال: جلبت أنا ومخرفة العبدي، بَزًّا من هَجَرٍ، فأتينا به مكة، فجاءنا رسول الله صلى الله عليه وسلم


(١) هذا هو مفهوم ما في التنقيح والمنتهى والغاية من جواز الزيادة في الصفة فقط دون الزيادة في القدر، قال في المنتهى: (أو قضى مقترض خيرًا منه)، وقال البهوتي بعده: (أي مما أخذه جاز كصحاح عن مكسرة أو أجود نقدًا أو سكة مما اقترض، وكذا رد نوع خيرٌ مما أخذه أو أرجح يسيرًا في قضاء ذهب أو فضة).
وصرح في الإقناع بجواز الزيادة في القدر أيضاً، قال في الكشاف: ((أو قضى) المقترض (أكثر) مما اقترضه جاز، قال في الفصول: وأما الذهب والفضة فيعفى فيهما عن الرجحان في القضاء إذا كان يسيرًا. انتهى، وقال في المبدع: وإن كان زيادة في القضاء بأن يقرضه درهمًا فيعطيه أكثر منه لم يجز؛ لأنه ربًا، وصرح في المغني والكافي: بأن الزيادة في القدر والصفة جائزة؛ للخبر).

<<  <  ج: ص:  >  >>