قلتُ: قال الترمذى: "هذا حديث حسن صحيح" وهو كما قال، وقال البغوى عقب روايته في "شرح السنة" [٧/ ٤٧٩]: "هذا حديث صحيح" وهو كما قالا، لكن وجدت ابن أبى حاتم قد أورده في "العلل" [برقم ٢١٣١]، من طريق عبد العزيز الماجشون عن حميد الطويل عن أنس به ... بالفقرة الأخيرة منه فقط، بلفظ: (والذى نفسى بيده: لو اطلعت امرأة من نساء الجنة على أهل الأرض، لأضاءت ما بينهما؛ ولملأت ما بينهما ريحًا، ولنصيفها على رأسها خير من الدنيا وما فيها) ثم حكى عن أبيه أنه قال: "هذا خطأ، والصحيح عن أنس موقوفًا". قلتُ: لم أجد أحدًا قد رواه عن حميد موقوفًا: سوى ابن المبارك في الزهد [رقم ٢٥٧]، وفى "الجهاد" [رقم ٢٣]، وخالفه جماهير الرواة عن حميد، فرووه عنه به مرفوعًا، منهم إسماعيل بن جعفر وخالد الطحان ومحمد بن طلحة وعبد العزيز الماجشون ومروان بن معاوية ويزيد بن زريع وأبو إسحاق الفزارى وغيرهم، وكذا يحيى بن أيوب المصرى عند الطبراني في "الأوسط" [٣/ رقم ٣١٤٨]، لكن الإسناد إليه مغموز. وهذا الوجه المرفوع هو المحفوظ عندى؛ لاحتجاج البخارى به في "صحيحه" على أنه لا منافاة بين الموقوف والمرفوع، وقد ينشط الراوى فيصل الحديث ويجوده؛ ثم يكسل فيرسله أو يوقفه، =