للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه".
قلتُ: ما معنى استدراكه وهو في صلب "صحيح مسلم" كما مضى؟! ثم إن عبد الرحمن بن مهدى قد روى هذا الحديث عن حماد بن سلمة عند أحمد في رواية له [٢/ ٤٨٥]، وقال عقبه: "ربما رفعه، وربما لم يرفعه" يعنى أن حماد كان يتردد في رفعه ووقفه، وهذا لا يُعَل به الحديث إن شاء الله، بل يُحْمَل على أن حمادًا ربما كسل فلم يجوده، أو تورع - أحيانًا - في رفعه، ثم ثبت بعد ذلك على إقامته وتجويده عن ثابت عن أبى رافع عن أبى هريرة به مرفوعًا، هكذا رواه عنه هداب بن خالد والهيثم بن جميل ومحمد بن عبد الله الخزاعى وحجاج بن منهال ويزيد بن هارون، وعفان بن مسلم، وسليمان بن حرب، وعارم بن الفضل وغيرهم من أصحاب حماد عن حماد به مرفوعًا دون شك أو تردد، وهذا أولى بلا ريب ...
ثم جاء محمد بن عبد العزيز الدينورى وروى هذا الحديث عن عفان بن مسلم عن حماد بن سلمة بإسناده به مثله ... إلا أنه زاد في أوله: (كان إدريس خياطًا)، هكذا أخرجه أبو بكر الدينورى في "المجالسة" [رقم ٣١١٨]، حدثنا محمد بن عبد العزيز به.
قلتُ: وهذه زيادة باطلة لا أصل لها، وابن عبد العزيز هذا: شيخ قزوينى لا يسوى فلسًا، وقد أكثر عنه صاحب "المجالسة" جدًّا، قال عنه الخليلى في "الإرشاد" [٢/ ٦٢٦/ انتخاب السلفى]: (ضعفوه جدًّا؛ فسقط) وأورده ابن عدى في "الكامل" [٦/ ٢٨٩]، وساق له مناكير لا تطاق، وقال الذهبى في "الميزان": "هو منكر الحديث ضعيف" وراجع "اللسان" [٥/ ٢٦٠٠].
والراوى عنه "صاحب المجالسة" جزم إمام الفن أبو الحسن بن مهدى الحافظ في "غرائب مالك" أنه كان يضع الحديث، وليس هذا الاتهام الصريح جدًّا؛ مما يصح لكل مغامر أن يتفذلك في مناقشته أصلًا، فضلًا عن تكلف رده بما لا يأتى إلا بشق الأنفس.
والحديث رواه الإمام أحمد وغيره عن عفان بن مسلم عن حماد بن سلمة بإسناده مرفوعًا ... ولم يذكروا فيه تلك الزيادة الموضوعة، وهذا هو المحفوظ بلا ريب.
ثم إن أبا عروة البصرى الحافظ - أعنى معمر بن راشد - نهض وروى هذا الحديث مرة، فخالف حماد بن سلمة في وصله، فرواه عن ثابت البنانى فقال: عن أبى رافع به موقوفًا عليه قوله، هكذا أخرجه عبد الرزاق [٢٠٦٢٢]، أخبرنا معمر به. =

<<  <  ج: ص:  >  >>