للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مختصر، فالاختصار هو ضغط المعنى في ألفاظ أقل مع عدم التصرّف في الآراء المنقولة في الكتاب، إلَّا على سبيل التنبيه مع إظهار أن ما أدخل ليس من الأصل. والأرموي - رحمه الله - كان إذا ما عنَّ له تدوين ملاحظة ابتدأها بقوله: (ولقائلٍ أن يقول) تمييزاً لها عن ما ورد في الكتاب، وعبارته هذه تدل

على ذوق سليم وأدب رفيع كان يتحلى به القاضي سراج الدين الأرموي، حيث أنه ينسب الملاحظة أو الاستدراك لمجهول تواضعاً منه، ووأداً لغريزة حب الظهور لأن العلم لا يتعلم ليُمارى به العلماء، ولا ليُقال فلان أعلم من فلان، فروى ابن ماجه عن ابن عمر رضي الله عنه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "مَن طلب العلم ليباهي به العلماء أو ليُماري به السفهاء وليصرف وجوه

الناس إليه فهو في النار". ورواه أيضاً عن ابن دريك بلفظ: "مَن طلب العلم لغير الله أو أراد به غير الله فليتبوأ مقعده من النار".

وما نبّه عليه القاضي الأرموي - رحمه الله - لم يكن كله اعتراضاً وردّاً لما ذهب إليه الإِمام محمد بن عمر الرازي - رحمه الله -، بل وجدته بعد التقصّي له في كتابه أن أغلبه كان تنبيهاتٍ على أدلةٍ ضعيفةٍ لا تقف أمام مناظرات الخصوم، ويوجد ما هو أقوى منها، فيسدّ بالتنبيه على ذلك ثغرة قد

تنفتح على دليل الإِمام الرازي أو خلل قد ينفذ للاستدلال به، وقد أحصيت هذه التنبيهات والاعتراضات فوجدتها نيِّفاً وثمانين، جمعها أحد النسّاخ أيضاً في آخر إحدى مخطوطات التحصيل بعد أن نسخها. والمخطوطة هذه محفوظة برقم ٤٤٤ في مكتبة وليّ الدين جار الله أفندي الملحقة بالمكتبة

السليمانية بإستنبول بتركيا.

وقد تصدى لبيان معظم هذه التنبيهات والاعتراضات الإِمام بدر الدين محمد بن أسعد التستري المتوفى سنة ٧٣٢ هـ في كتابه حل عُقَد التحصيل، فكان غالباً يقرّها، وكان في بعض الأحيان يبيِّن عدم وجاهتها وعدم رضائه بها. وقد أفردها بمصنف مستقل محمد بن يوسف الجزري، المتوفى سنة

٧١١ هـ بكتابه المسمى أجوبة أسئلة القاضي الأرموي على التحصيل، ولم أتمكن من معرفة مكان وجوده.

<<  <  ج: ص:  >  >>