وكانت معظم التنبيهات والاعتراضات موجهة للأدلة العقلية، وذلك لأنه فارس حلبتها ومغوارها الحاذق الذي كان له الباع الأطول فيها. ولهذا خلا القسم الأخير من هذه الاعتراضات لقلة المباحث الكلامية فيه، حيث أن آخر ما ورد من الاعتراضات كان في الفصل الثاني من التراجيح، ولم أجد شيئاً منها في الفصول الآتية (ترجيح الأخبار، الاجتهاد، المفتي، والمستفتي، الأدلة المختلف فيها).
وكان القاضي الأرموي - رحمه الله - يورد هذه التنبيهات بعبارةٍ موجزةٍ جداً، قد تصل إلى حدّ الإِلغاز، ولا يمكن أن يعرف الناظر المُراد منها إلَّا بعد الرجوع للمحصول، وحتى بعد الرجوع للمحصول قد يكون معرفة مراد الأرموي - رحمه الله - من باب الاجتهاد. وليس هذا طابع جميع التنبيهات بل يوجد بعض التنبيهات الواضحة وضوح الشمس في رابعة النهار. ومن الاعتراضات التي ظهر عليها الإِبهام والإِلغاز.
أ- ما أورده على أجوبة الإِمام الرازي عن أدلة مَن قال بعدم جواز تخصيص الكتاب بخبر الواحد حيث قال في التحصيل:
(احتج القائل بعدم جواز التخصيص بما يلي:
أ- الإِجماع: (إذ ردّ عمر خبر فاطمة بنت قيس. وقال: لا ندع كتاب ربنا وسنّة نبيِّنا بقول امرأة لا ندري لعلّها نسيت أم حفظت).
ب - قوله عليه السلام:"إذا روي عني حديث فاعرضوه على كتاب الله، فإن وافق فاقبلوه وإن خالف فردّوه".
جـ - الكتاب مقطوع فقدّم على الخبر المظنون.
د- لو جاز تخصيصه به لجاز نسخه به بجامع تقديم الخاص).
والجواب عن:
أ- أنه ردٌّ للتهمة بالكذب والنسيان.
ب- أنه ينفي تخصيصه بالمتواتر، ولو قيل تخصيص الكتاب لا يكون على خلافه قلنا: كذلك ههنا.