للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - ما ذكر من عدم نسخ الإِجماع إجماعاً آخر سواء كان يفيد الحكم مطلقاً أم إلى وقت فهو منقوض بجواز نسخ نصٍ بنص، ويلزم كذلك عدم إمكان نسخ نصٍ بنص أصلاً.

٣ - عدم تسليم أن الإِجماع لا ينسخ القياس، لجواز أن يكون سند الإِجماع قطعياً أو ظنياً راجحاً.

٤ - يجوز نسخ النص بقياس يكون قطعي المقدمات، باعتبار أن يكون أصل القياس متأخراً عن نص متناول لما يتناوله القياس.

٥ - لا نسلم نسخ النص أو الإِجماع للقياس، فإن صحته مشروطة بعدم وجودهما فإذا وجد النص أو الإِجماع زال القياس لزوال شرطه (١).

ولم يُجب القاضي سراج الدين الأرموي عن ما أورده من اعتراضات وتنبيهات، بل تركها للناظر الحاذق، والمتأمل النبيه. وهي كما قال بدر الدين محمد بن أسعد التستري تدل على علو كعب القاضي سراج الدين الأرموي في هذا الفن، ودقة فهمه وصفاء ذهنه، لأنها نكات لطيفة لا يتنبه إليها إلَّا مَن له قريحةٌ وقّادة وذكاء خارق وذهن عبقري، اعتاد النظر في عويصات علم الكلام، والاشتغال بدقائق الاستنباط والاجتهاد. وما كان لغير سراج الدين الأرموي أن يستدرك على الإِمام فخر الدين الرازي، الذي بهر علمه علماء زمانه، ومناظراته شهد له بها أقرانه، فإن كان القاضي الأرموي - رحمه الله - قد لمح هذه الملاحظات، فهي إن دلّت على شيء إنما تدل على منزلته بين العلماء، ودقة فهمه وحذاقته لفن الأصول. وهذا لا يضير الإِمام الرازي - رحمه الله -، حيث إن العصمة لله وحده، وما من أحدٍ إلَّا يؤخذ منه ويردّ عليه إلَّا الرسول الحبيب صلوات الله وسلامه عليه. وكفى الرازي فخراً وعلوّاً في المنزلة وارتفاعاً في الرتبة أن يتلقى كتابه بالشرح والاختصار والتدقيق والتعليق عشرات من العلماء الأجلّة، فلم يوجد كتاب في فن الأُصول ذاع صيته وعمّت شهرته المشرق والمغرب والروم والعرب ككتاب المحصول،


(١) انظر حل عقد التحصيل لوحة: ٨٠ والجزء التحقيقي من هذا الكتاب ص (١/ ٣٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>