وأما وضوح العبارة وسهولة إيصالها المعاني للناظر فيها فقد حالف القاضي الأرموي فيها الحظ، فقد خلا كتابه مما احتوت عليها المختصرات الأخرى من تعقيد اللفظ، والإِلغاز في التركيب، ولكن ليس معنى وضوح المعنى أنه واضح للقاصي والداني، بل واضح لمن اعتاد النظر في كتب هذا الفن، وكثيراً ما يتكلم إنسان بكلام واضح في ذهنه وضوح الشمس مع وجود غموض فيه على بعض الناس. وقد ألانَ الله له التراكيب فانسابت على قلمه فنمنم بها صفحات كتابه، كما ألانَ الله لسليمان الحديد فنسج منه الدروع فمعظم ما كتب واضح يدرك بالنظر الثاقب ودقة الفهم، ولم أجد العبارة قد خانت القاضي الأرموي - رحمه الله - فلم توصل المعنى للقارئ لأول وهلة إلَّا في مواضع قليلة ناتجة عن اجتهاد الأرموي في الاختصار بقدر الإِمكان.
نبّهت عليها في مواضعها وهي:
أولاً: دمج القاضي سراج الدين الأرموي - رحمه الله - مسألتين في مسألة واحدة في موضعين، فحدث بذلك التباس وتشويش في الفهم، مما يجعل الفهم صعباً إلا بالرجوع للمحصول.
أ- الموضع الأول: دمج مسألة الاختلاف في صدق المشتق بدون المشتق منه بمسألة بقاء وجه الاشتقاق، هل هو شرط لصدق المشتق أم لا (١).
ففي المسألة الأولى ارتضى القاضي الأرموي - رحمه الله - تبعاً للإِمام الرازي - رحمه الله تعالى- عدم صدق المشتق دون المشتق منه، لاستحالة صدق الكل بدون الجزء، وخالفه في ذلك الجبائيان أبو علي وأبو هاشم. وارتضى في الثانية أن الاشتقاق شرط لصدق المشتق منه. وخالف في ذلك أبو علي بن سينا وأبو هاشم الجبائي المعتزلي، ونظراً لترابط المسألتين أراد القاضي الأرموي حرصاً منه على الاختصار أن يجعلهما مسألةً واحدة فحدث الالتباس.