المسلك، فقد عاش- رحمه الله- موفور العرض مصون الجانب رغم تعدد الاتجاهات وكثرة النزعات في عصره، بل وصفوه بأسمى ألفاظ الثناء والفضل، وأعلى درجات العلم مما يدل على سمو علمه وخلقه.
والقاضي الأرموي أجاد في هذه الفنون العقلية الثلاثة: المنطق والحكمة والجدل، وصنف فيها أنفع المصنفات، وقد بلغ في ذلك الذروة، وحاز قصب السبق، حتى أصبح يشار لمؤلفاته بالبنان. فإذا ذكر علم المنطق تبادر للذهن مطالع الأنوار الذي تلقته العلماء بالشرح والتعليق بما لم يحدث لكتاب آخر كما سنوضح ذلك في فصل مصنفاته. وإذا ذكرت الحكمة تبادر للذهن لطائف الحكمة ذلك الكتاب العظيم الذي وضعه باللغة الفارسية وطبع بها. وإذا ذكر الجدل تبادر للذهن رسائله في هذا الفن وكتابه تهذيب النكت للشيرازي.
ولم يكتفِ بمصنف واحد في كل فن، بل صنف عدة مصنفات ففي المنطق والحكمة بالِإضافة إلى مطالع الأنوار فقد صنف بيان الحق في المنطق والحكمة، وشرح الِإشارات والتنبيهات لابن سينا، والمناهج في
المنطق والحكمة، ولطائف الحكمة، ولعله يوجد أيضاً ما لم يصل علمنا إليه.
وهذه الكتب تعطينا فكرةً صادقةً عن مدى تمكن القاضي الأرموي من العلوم العقلية على العموم، فقد كان فارس حلبتها وخبير خباياها وعويصات مسائلها وحلاَّل عقدها وغوامضها. فلا مبالغة إن قلنا: إنه تربع على عرش هذه الفنون، وفاق من قبله ووقف من بعده دونه وعاش عالةً عليه. يرتوي من نبعه ويأكل من ثماره، ويحاكيه فيما ذهب إليه.
٢ - القاضي سراج الدين الأرموي الأصولي:
لقد كانت طريقة المتكلمين في فن الأصول هي السائدة في هذا العصر - القرن السابع الهجري- وقد غلب على مصنفات الأصول طابع الاختصار والشرح والتعليق على مصنفات قد تقدمت، وكان صنيع القاضي الأرموي