مع أنه تربع على كرسي الصدارة في علم المنطق والحكمة.
٣ - القاضي سراج الدين الأرموي الفقيه قاضي القضاة:
كثير من العلماء يرتقون من المجد أعلاه ويصلون من العلم منتهاه، ولكن لم يخلِّفوا لمن بعدهم علماً مدوناً مكتوباً، لأنهم لا يريدون شهرة، أو قد يكون لأسباب أخرى. فالقاضي الأرموي- رحمه الله- قد وصل لرتبة قاضي القضاة في دولة بني سلجوق. وهذه المرتبة لا يصلها أحد وفي زمانه من يدانيه علماً، فضلاً عن أن يفوقه والقضاء ينبع من الفقه ويسانده الذكاء والفطنة، وتؤيده العزيمة وقوة الشخصية، فكلِ ذلك اتصف به القاضي الأرموي ومع هذا لم يذكر المترجمون له إلَّا كتاباً واحداً في فروع الفقه وهو شرح الوجيز.
فقد جرت عادة الأفذاذ أن لا ترضى إلا بمصافحة الأفذاذ، فبعد أن مدَّ القاضي الأرموي يده ليصافح فخر الدين الرازي علَّامة عصره من خلال اختصار المحصول، فيحدث له بذلك اقتران اسمه باسمه، ويندرج ذكره مع ذكره، فنجد يد القاضي الأرموي- رحمه الله- تمتد لمصافحة حجة الِإسلام وحيد زمانه وفريد عصره وأوانه، فيضع ظلال قلمه في جملة من وضع على معجزته التي تبارى العلماء في شرحها واختصارها والتعليق عليها، وذلك هو كتابه الوجيز الذي سارت بذكره الركبان، وأصبح عمدة في فروع مذهب الإمام الشافعي رضي الله عنه فشرحه شرحاً لم نطلع عليه، ولكن شخصية
القاضي سراج الدين الأرموي ووصوله إلى منصب قاضي القضاة ينبئ عن عظيم فائدته، وليس ما في شرح الوجيز هو كل فقه القاضي الأرموي بل في أحكامه إبَّان مهنة القضاء الذي تولاه ما يقارب الثلاثين عاماً ما قد يكون أضعاف شرحه للوجيز. ولذا نجد معظم من ترجم له وصف بالاجتهاد،
ومرتبة الاجتهاد، مرتبة عزيزة لم يصل إليها إلا أفذاذ العلماء.
٤ - القاضي سراج الدين الأرموي المفسر والشاعر:
لم يذكر من ترجم للقاضي الأرموي تراثاً له في التفسير، ولكن وصفوه