للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوا: فظهر بهذا أن العلم بكون الِإجماع حجةً لا يتوقف على العلم بالنبوة، وأن إجماع كل أمةٍ حجة.

والاعتراض أن تفاوت حال الخلق بوجود الِإمام وعدمه، إنما يُعلم لو جرب حالهم عند عدمه وعندكم ما خلا زمان عنه. بل المجرب ظهور هذه المفاسد عند خوف الِإمام وتقيته وتستره. سلمنا: لكن التفاوت إنما يظهر بوجود الإمام القاهر دون الذي لا يعرف وأنتم لا توجبونه. وما توجبونه وهو أصل الِإمام ليس بلطف (١). سلمنا: لكن إنما يجب نصبه إذا خلا عن جهات المفسدة إذ يكفي في قبح الفعل اشتماله على جهة مفسدة.

فإن قلت: لو قدح هذا في كون الِإمام لطفاً، لقدح في كون معرفة الله تعالى لطفاً ولتعذر القطع بوجوب شيءٍ على الله تعالى. كيف؟ ولم يشتمل نصب الِإمام على جهةِ قبح إذ لا دليل عليها، ولأن جهاته محصورة في الكذب والظلم والجهل وغيرها، وأنها منتفية فيه.

قلت: أما الأول فساقط إن حصل بين الموضعين فرق، وإلا وجب الجوِاب فيهما ثم المعرفة لطف يجب علينا. فقام الظن فيه مقام العلم (٢).

والإمام لطف يجب على الله تعالى، وأنه عالم بجميع الأشياء، فمتى علم جهة قبح فعل لم يجب عليه. وأما الثاني: فلا نقول في فعل معين أنه لطف، بل نقول: ما هو لطف في نفسه يجب على الله فعله. وأما الثالث: فلا يلزم من انتفاء الدليل انتفاء المدلول، ولا من عدم وجدان الدليل عدم وجوده.

وأما الرابع: فمنقوض بقبح صوم يوم العيد مع انتفاء الجهات المذكورة، ثم الحجة التقسيم المنحصر. سلمنا أن القادح في كونه لطفاً تعيين مفسدة لكنه يشتمل على مفسدة ترك المكلف الفعل القبيح لا لقبحه. بل لخوف الإمام وترتب العقاب على الفعل. وإن اشتمل عليها لكن جاز الفرق بينهما. كيف؟ وترتب (٣) العقاب إنما يعرف من الشرع. فورود الشرع به يعرفنا عراه عنها


(١) في "أ" وهو أصل ليس بلطف الإمام.
(٢) في "د" (المعرفة) بدل (العلم).
(٣) في "هـ" ترتيب.

<<  <  ج: ص:  >  >>