اسمها, ولم يصلنا منها إلَّا عباراتٍ وكلماتٍ كانت قد اختطتها الأقلام في غابر العصور فدونتها في كتب غير أصحابها فذابت فيها ذوبان الملح في الماء، ولكن ما لا يدرك كله لا ينبغي أن يترك جله، ولذا سنذكر في هذا المبحث كل ما شاء الله له أن يصل إلى أذهاننا بعد التفتيش الدقيق المتواصل
طيلة أربع سنوات عشناها بين رفوف الكتب، سائلين المولى عَزَّ وَجَلَّ أن يمدنا بعونه وتوفيقه وأن يلهمنا رشدنا وأن يهدينا سواء السبيل.
والأن آن الأوان أن نذكر كل من عرفناه اشتغل بهذا الكتاب، سواء أكان بالشرح أم بالاختصار أم بوضع الأسئلة أم الاعتراضات أم التعليقات، وذلك بحسب الترتيب الزمني لوفاة مصنفيها, ولتكن البداية من مصنف المحصول نفسه:
١ - فخر الدين محمَّد بن عمر الرازي المتوفى سنة ٦٠٦ هـ مؤلف "المحصول":
اختصره في كتاب سماه "المنتخب" أوله: الحمد لله على نعمائه ... ثم قال: هذا مختصر انتخبته من كتاب المحصول، ورتبته على مقدمةٍ وفصول، أما المقدمة الأولى ففي تعريف أصول الفقه، أعلم أن الأصل هو المحتاج إليه، وأما الفقه فهو في أصل اللغة عبارة عن فهم غرض المتكلم من كلامه، وفي اصطلاح العلماء عبارة عن العلم بالأحكام الشرعية العملية المستدل على أعيانها، بحيث لا يعلم كونها من الدين ضرورة ولا يقال: الفقه من باب الظنون دون العلم, لأنا نقول: الحكم معلوم قطعًا وإنما الظن في طريقه.
والذي وصل لعلمي من مخطوطات هذا الكتاب أربع نسخ:
الأولى: موجودةً في دار الكتب المصرية برقم ١١٥، ومكتوبة في عام ٧٧٥ هـ.
الثَّانية: موجودة في المكتبة الأزهرية برقم (١٧٥) ٦١٠١ فرغ من كتابتها عام ٦٥٣ هـ، في تسع وأربعين ومائة ورقة، الورقة الأولى مقطعة وبها خروم وتلويث.