للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دقة النظر وجودة الخاطر، فلا يجوز خلوه عن هذه الفضيلة وإلا ترجحت عليه أمته فيها واختصاصه بمنصب الوحي لا يمنع من مشاركته في منصب آخر.

د - قوله عليه الصلاة والسلام: "العلماء ورثة الأنبياء" (١). وإنما يرثوا منه الاجتهاد لو كان مجتهدًا وتقييده بأركان الشرع خلاف الأصل.

هـ - بعض الأحكام مضاف إليه وذلك يشعر بكونه من اجتهاده، إذ لا يقال مذهب الشافعي وجوب الصلوات الخمس. وأما في الحروب والآراء فقد اجتهد في أخذ الفداء عن أسارى بدر، وكان يراجعهم فيه ولا ذلك إلَّا بالاجتهاد.

احتجوا بوجوه:

أ - قوله تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} (٢).

ب - راجعه بعض (٣) الصحابة في منزل نزله وقال: إن كان هذا وحيًا فالسمع والطاعة وإلَّا فليس بمنزل مكيدة، وأنه يدل على جواز مراجعته في اجتهاده ولا يجوز مراجعته في أحكام الشرع (٤) فليس فيها ما هو باجتهاده.

ج - أنَّه قادر على تلقي الحكم من الوحي ولا يجوز العمل بالظن مع القدرة على العلم.

د - مخالف حكم النبي عليه الصلاة والسلام يكفر لقوله تعالى: {فَلَا وَرَبُّكَ


(١) رواه أحمد والأربعة وآخرون عن أبي الدرداء مرفوعًا بزيادة (إن الأنبياء لم يورثوا دينارًا ولا درهمًا إنما ورثوا العلم)، وصححه ابن حبان والحاكم وغيرهما وحسنه حمزة الكتاني وضعفه غيرهم لاضطراب سنده لكن له شواهد منها: (أكرموا العلماء فإنهم ورثة الأنبياء)، رواه ابن عساكر عن ابن عباس والخطيب والديلمي عن جابر (كشف الخفا ٢/ ٦٤).
(٢) [النجم: ٣].
(٣) الَّذي راجعه من الصحابة هو الحباب بن المنذر وذلك في غزوة بدر، وفعلًا نزل الرسول - صلى الله عليه وسلم - على رأي الحباب، ولم تذكر كتب السنة والسير التي روت القصة أن أحدًا كان معه في المراجعة في هذه الحادثة، فكذلك كان أولى أن يقول "أحد" بدل "بعض" والقاضي الأرموي في هذه العبارة متابع للإمام الرازي في المحصول.
(٤) سقط من "أ" الشرع.

<<  <  ج: ص:  >  >>