النفس على الارتياح ويزيد فيها الثقة، وإنني لا أدّعي أنني استقصيت، فقد يكون ما لم أعلم وجوده من النسخ أضعاف ما بلغني علمه، فكم من مكتبات خاصة لا أعرف اسمها ولا مكان وجودها وكم من فهارس لم تكتحل برؤيتها عيناي، ولكن القلب مطمئن جدًا إلى أن ما وصلني من النسخِ كافٍ جدًا للتحقيق لأنها في صورة جيدة جدًا، بل إحداها مقابلة على أصل المصنف زد على ذلك أن بعضها قد كتب قبل موت المصنف بسنوات فكل هذا يبعث على الارتياح.
وبعد أن بلغني مكان وجود هذه النسخ حاولت الحصول عليها بالمراسلات، وبتكليف بعض من جمعتنا وإياهم أخوّة الإِسلام، ولكن يحز في نفسي أن أسطر هنا حقيقة أبت نفسي، إلَّا أن أسجلها لعل الأنّات
والزفرات التي يطلقها طلاب العلم وهم يتنفسون الصعداء مما يلاحظونه من الفارق العظيم في خدمة العلم وتذليل عقباته وتسهيل سبله بين الغرب والشرق تصل لآذان من لهم الأمر، فيعيدوا النظر في أنظمة المكتبات وأسلوب المعاملات، إن هذه الورقات ليست مكان بث أحزاني وإظهار آلامي، ولكن أريد من ذلك العظة والعبرة فإحدى النسخ كانت في بلد عربي فأرسلت الرسالة تلو الرسالة بأرق العبارات وألطف الأساليب بل اضطررت إلى التملق، ولم أحظ بجواب سلبي أو إيجابي. ثم اغتنمت فرصة سفر أحد الإِخوان الذين نحبهم في الله لتلك البلاد. وذكرت لهم الحاجة إلى صورة من هذه المخطوطة، فكان الجواب قد أزعجنا صاحبك بكثرة رسائله، فأمر الإِذن ليس لنا ولكن لوزارة التعليم الأصلي، فإذا أذنت تطلب الوزارة النسخة، ثم نرسلها للعاصمة حيث تبعد حوالي مائتي كيلومتر، ثم يتم التصوير هناك وهذا العمل يستغرق نصف العام، وقد لا تسمح الوزارة بتصويرها وبعد جهدٍ جهيد تلطفوا وسمحوا له أن ينقل ما يوجد على البطاقة الخاصة بها من كلام ولم يسمحوا له برؤية النسخة لينقل لي ما طلبته من معلوماتٍ عنها. وفي المقابل طلبت صورة عن نسخة مدينة جوتا بألمانيا
الشَّرقية فإذا بالصورة عندي خلال أسبوعين وبرفقها فاتورة دراهم معدودة لا أظنها تزيد عن أجرة البريد فهل من مدَّكر؟.