وأما بعض النسخ فقد اضطررت للسفر للحصول عليها؛ لأن أنظمة تلك البلاد لا تسمح بتصوير المخطوطات فيها بحجة أنها تراث لها، وينبغي المحافظة على التراث ومن شروط التصوير فيها أن يأتي طالب التصوير بصورة لمخطوطة نادرة غير موجودة عندها، أو أن يصورها باسم طالب يحمل جنسية تلك البلاد.
وفعلًا سافرت لتركيا رغبة في الحصول على صورٍ لما يوجد فيها من مخطوطات هذا الكتاب، وهي خمس نسخ معظمها مكتوب في دمشق وتمكنت من تصوير ثلاثِ نسخ منها اصطحبتها معي، وهي التي مدار التحقيق عليها لجودة خطبها وتمامها، وإنني سأذكر في هذا البحث مكان وجود العشر نسخ التي بلغني علم وجودها وسترى أنها انتشرت في بلاد شتى فشملت: ألمانيا ولندن وإستانبول وفاس والقاهرة وبغداد ومدينة الرسول الأعظم على ساكنها أفضل الصلاة وأزكى السلام.
وسأذكر معلوماتٍ وافية عن كل منها شاملة لتاريخ كتبها، ورقمها في المكتبة الموجودة فيها، وصفتها من حيث الجودة، وحسن الخط وامتداد التلف إليها وعدمه وقد استعملت في المقابلة من هذه النسخ خمسًا فقط، لأن أربعًا منها لم أتمكن من تصويرها والخامسة فيها نقص شديد، وقد رمزت للنسخ التي استعملت في المقابلة (أ، ب، جـ، د، هـ). والآن حان الوقت لنتكلم عن هذه النسخ.
١ - النسخة التي رمزنا لها "أ":
وهي مصورة من مكتبة دماد إبراهيم الملحقة بالمكتبة السليمانية العامة في إستانبول في تركيا. ورقمها ٤٣٦، وعدد لوحاتها ثلاثٌ وثمانون ومائة لوحة. وهي مكتوبة بخط نسخ جيد جدًا، وحالتها كذلك، ويوجد في كل صفحة من صفحاتها سبعةَ عشرَ سطرًا. وفي كل سطرٍ حوالي اثنتي عشرةَ كلمة، وكثيرًا ما تكون كلماتها مشكولة وغالبا ما تكون الحروف غير منقوطة مما يصعب التفريق بين الياء والتاء في غالب الأحيان، وكان كاتبها يبرز الفقرات والأرقام والعناوين بخط متين، ويوجد بهامشها بعض التعليقات