للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} (١).

ومن ذلك أَيضًا المسألة المشتركة أو المشركة في الفرائض المشهورة، ومن ذلك أيضًا اختلافهم في توريث الجد مع الأخوة (٢)، وغير ذلك لا حصر له.

وعلى العموم فقد ذكر محمَّد بن أبي بكر المعروف بابن القيم الجوزية (٣) في كتابه إعلام الموقعين (٤) نيفًا وثلاثين صحابيًا أُثر عنهم القياس، والذين اشتهروا منهم بذلك تقدم ذكرهم قبل صفحتين. والناظر في فقههم يدرك أن لهم طرقًا في الاستنباط واضحةً، وإن لم يدونوها ويذكروا لها أسماءًا اصطلاحية. فكانت هذه الأسس التي اعتمدوا عليها عبارة عن سليقةٍ سليمة وقريحةٍ وقَّادة وفطنةٍ خارقة ودراية بأهداف التشريع ومرامي الأحكام، ويلمس الناظر في فقههم أنَّهم كانوا يأخذون بعين الاعتبار تحصيل المصالح ودفع المفاسد وسد الذرائع، وغير ذلك من الأسس التي بني عليها الفقه

الإِسلامي الشامخ البناء المتين الأساس.

ومع هذا فقد كانوا رضوان الله عليهم يهابون من القول بآرائهم، خوفًا من أن تزل الأقدام بعد الثبوت, لأن الأمر خطير والخطب جسيم، وكانوا


(١) [النساء: ٨٢].
(٢) الجزء التحقيقي من التحصيل ص (١/ ١٦٧).
(٣) هو محمَّد بن أبي بكر بن أَيُّوب بن سعد بن حريز الزرعي ثم الدِّمشقيّ الحنبلي، المعروف بابن القيم الجوزية شمس الدين أبو عبد الله. ولد بدمشق سنة ٦٩١ هـ لازم ابن تيمية وسجن معه في قلعة دمشق، وهو فقيه أصولي مجتهد مفسر متكلم نحوي محدث مشارك في غير ذلك من العلوم، تُوفِّي بدمشق في ١٣ رجب سنة ٧٥١ هـ، مصنفاته كثيرةٌ جدًا، منها: روضة المحبين ونزهة المشتاقين، زاد المعاد في هدي خير العباد، تهذيب سنن أبي داود، الجيوش الإِسلامية على حرب المعطلة والجهمية، وإعلام الموقعين.
له ترجمة في: الدرر الكامنة لابن حجر ٣/ ٤٠٠، النجوم الزاهرة ١٠/ ٢٤٩، شذرات الذهب لابن العماد ٦/ ١٦٨، البدر الطالع للشوكاني ٢/ ١٤٣، روضات الجنان ٢٠٥، إيضاح المكنون للبغدادي ١/ ٢٧١، هداية العارفين للبغدادي ٢/ ١٥٨، معجم المؤلفين ٩/ ١٠٦.
(٤) إعلام الموقعين عن رب العالمين لابن القيم، مطبوع في مجلدين كبيرين من المطبعة الفنية المتحدة وغيرها.

<<  <  ج: ص:  >  >>