للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وزيد بن ثابت وابن عمر رضي الله عنهم، وعمدتهم في ذلك أنَّه كناية عن الطلاق وأدرجوه تحت آية الطلاق ونزَّلوه على أعظم أحواله.

ثانيها: أنَّه في حكم الطلقة الواحدة، وهو منقول عن عبد الله بن مسعود وغيره. وبعضهم قال: إنها طلقة واحدة بائنة، وبعضهم قال: إنها رجعية، وعمدتهم في ذلك أنَّه كناية عن الطلاق وأدرجوه تحت آية الطلاق، ولكن نزلوه على أقل أحواله.

ثالثها: أنَّه يمين تلزم فيه الكفارة وهو منقول عن أبي بكر وعمر وعائشة رضي الله عنهم، وذلك لأنهم تمسكوا بقوله تعالى: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} (١). نزلت لما حرَّم النَّبِيّ على نفسه مارية القبطية (٢) فالله سبحانه وتعالى جعل حكمه حكم اليمين.

رابعها: أنَّه في حكم الظهار، وهو المنقول عن ابن عباس رضي الله عنهما، وذلك لأنه اعتبره كناية عن الظهار وأدرجه تحت قوله: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} (٣) الآية.

خامسها: أنَّه ليس بشيء، وهو منقول عن علي رضي الله عنه وعن مسروق (٤)، وذلك لأنه من لغو الكلام الذي لا يترتب عليه حكم, لأن المحلل والمحرم هو الله جل شأنه، ولا عبرة بتحريم العبد وتحليله، وشبهوه بمن يحرم على نفسه نوعًا من الطعام.

فكل قول من هذه الأقوال كما يظهر للناظر فيها لم يكن قولًا بالتشهي، ولا نابعًا من هوى النفس، بل كل قولٍ له مستند لو لم يكن غيره لأيقن الناظر فيه أنَّه صحيح فمنشأ الاختلاف بين أقوالهم له ما يبرره، وهو أمر لا مفر منه.

وسبحان الله الذي تنزهت أقواله عن التعارض، وعصمت عن الاختلاف. قال


(١) [التحريم: ٢].
(٢) ترجمت لها في الجزء التحقيقي ص (٢/ ١٧٠).
(٣) [المجادلة: ٥].
(٤) ترجمت له في الجزء التحقيقي ص (٢/ ١٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>