للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّاس أنَّه قد أتى علينا زمان لسنا نقضي ولسنا هناك، وأنه قد قدر أن بلغنا من الأمر ما ترون فمن ابتلي منكم بقضاءٍ فليقض بما في كتاب الله، فإن لم يكن في كتاب الله فليقض بما قضى به النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم-، فإن لم يكن في كتاب الله ولا في قضاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإن الحلال بين والحرام بيَن، وشبهات بين ذلك، فدع ما يريبك إلى ما لا يريبك) (١).

ونقل عن جمهور من الصَّحَابَة رضوان الله عليهم أنَّهم استعملوا القياس. فنقل عن ابن عباس رضي الله عنه أنَّه قال: (ألا يتقي الله زيد بن ثابت يجعل ابن الابن إبنًا، ولا يجعل أبي الأب أبًا). ونقل عن علي وزيدٍ رضي الله عنهما أنهما شبها الأخ والجد بغصنيْ شجرة وجدوليْ نهر، وشركا بينهما في الميراث. وقد ذكر النظام (٢) أن الذين استعملوا القياس من الصَّحَابَة عمر وعثمان وعلي وابن مسعود وأبي بن كعب وزيد بن ثابت ومعاذ بن جبل وأبو الدَّرداء وأبو موسى الأَشْعريّ وعائشة وعبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر.

وبهذا يظهر أنَّه قد أصبح الاجتهاد مصدرًا بارزًا ظاهرًا في التشريع الإِسلامي أكثر من عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، حيث كانت الحاجة للاجتهاد في حياة الرسول - صلى الله عليه وسلم - قليلة لوجوده بينهم، فيقضي هو فيها أو ينتظر الوحي من رب العباد.

ومن البديهي أن تظهر أقوال مختلفة في المسألة الواحدة، إما لاختلاف وجهات النظر في دلائل النصوص إذا لم تكن جلية أو لمشابهة المسألة أكثر من أصل، ومن ذلك ما أورده صاحب التحصيل تبعًا لما تقدمه من كتب الأصول مسألة الحرام (٣) اختلف فيها الصَّحَابَة على خمسة أقوال (٤):

أولها: أن التحريم في حكم الطلاق الثلاث، وهو منقول عن علي


(١) أعلام الموقعين ١/ ٧١.
(٢) ترجمنا له في الجزء التحقيقي ص (١/ ٤٣١).
(٣) هو قوله لامرأته "أنت علي حرام".
(٤) التحصيل الجزء التحقيقي (٢/ ١٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>