للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكذا في صلاة التطوع عند الجمهور، لأن كل ما أبطل الفرض يبطل التطوع (وعن) أحمد أنه يبطل. ويروى عن ابن الزبير وسعيد بن جبير أنهما شربا في التطوع. وعن طاوس وإسحاق أنه لا بأس به لأنه عمل يسير. أما إن كثر فلا خلاف في أنه يفسدها، لأن غير الأكل من الأعمال يفسدها إذا كثر، فالأكل والشرب أولى. وإن أكل أو شرب فيها ناسياً أو وقع في فمه قطرة ماء فابتلعها، بطلت صلاته عند الحنفيين والأوزاعي، لأنه فعل مبطل من غير جنس الصلاة فاستوى عمده وسهوه.

(وقالت) الشافعية والحنبلية: لا تبطل بالأكل والشرب ناسياً أو جاهلاً، لعموم حديث: إن الله وضع عن أُمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه.

وقد أنكره أحمد، وقال أبو حاتم. هذه أحاديث منكرة موضوعة كما تقدم (١).

(والراجح) عند المالكية أنها لا تبطل بالأكل أو الشرب ناسياً ويسجد له بعد السلام، أما إذا اجتمعا أو وجد أحدهما مع السلام ولو سهواً فإنها تبطل لكثرة المنافي (٢).

(وإذا كان) بين اسنانه مأكول دون الحمصة فابتلعه، لا تفسد صلاته عند الحنفيين ومالك، وكذا عند الشافعية والحنبلية إذا جرى به الريق وعجز عن مجه لأنه لا يمكن الاحتراز عنه. أما إذا ترك في فمه ما يذوب كالسكر فذاب عنه شئ فابتلعه، فإن صلاته تبطل اتفاقاً، لأنه أكل.

(٤) وتبطل بالعمل الكثير وهو ما يكونه بحيث لو رآه إنسان من بعد تيقن أنه ليس في الصلاة، وإلا فهو قليل على المختار عند الحنفيين، فلو رفع العمامة من رأسه ووضعها على الأرض أو بالعكس بيد واحدة بلا تكرار متوال، لا تفسد صلاته، لأنه عمل قليل، لكنه يكره لغير عذر.


(١) تقدم الحديث رقم ٣ ص ٤ والجواب عنه ص ٥.
(٢) ص ١٠٧ ج ١ صغير الدردير.