للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[(١٢) عذاب القبر ونعيمه وضغطته]

... تقدم أنه يجب الإيمان بعذاب القبر ونعيمه، وهو ثابت بالكتاب والسنة قال الله تعالى: "ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله

غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون" (١).


(١) سورة الأنعام: آية ٩٣: "ولو ترى" يا محمد أو كل راء "إذ الظالمون في غمرات الموت" أي سكراته وكرباته، جمع غمرة وهي الشدة، وأصلها الشيء الذي يغمر الأشياء فيغطيها، ثم استعملت في الشدائد والمكاره "والملائكة باسطوا أيديهم" بالضرب والتعذيب يضربون وجوههم وأدبارهم" سورة الأنفال: آية ٥٢. يضربونهم حتى تخرج أرواحهم من أجسادهم يقولون لهم: "أخرجوا أنفسكم" من هذه الغمرات التي وقعتم فيها أو أخرجوا أنفسكم من أيدينا وخلصوها من العذاب. أو أخرجوا أرواحكم من أجسادكم وسلموها إلينا. وذلك أن الكافر إذا احتضر بشرته الملائكة بالعذاب والنكال والسلاسل والأغلال والحميم وغضب الرحمن الرحيم، فتفرق روحه في جسده وتعصى وتأبى الخروج، فتضربه الملائكة حتى تخرج أرواحهم من أجسادهم قائلين لهم: أخرجوا أنفسكم "اليوم تجزون عذاب الهون" أي الهوان الذي تصيرون به في إهانة وذلك بعد ما كنتم فيه من الكبر والتعاظم "بما كنتم تقولون على الله غير الحق" أي بسبب قولكم غير الحق من إنكار إنزال الله الكتب على رسله والإشراك به "وكنتم عن آياته" أي عن التصديق بها والعمل بمقتضاها "تستكبرون" أي تتعاظمون عن الإيمان بالله والقرآن وكان ما جوزيتم به من عذاب الهوان جزاء وفاقا (روى) علي بن طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى: "والملائكة باسطوا أيديهم" قال: هذا عذاب الموت. والبسط: الضرب، يضربون وجوههم وأدبارهم. أخرجه الطبراني وابن أبي حاتم وابن منده (انظر ص ١٥١ ج ٣ فتح الباري) ويشهد له قوله تعالى: "فكيف إذا توفهم الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم" سورة القتال: آية ٢٧. وفي الآية حجة على أن النفس والروح شيء واحد لقوله تعالى: "أخرجوا أنفسكم" والمراد الأرواح.