للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا، وإِنَّهُ لَيَسُوءُنا ويَسُوءُ كُلّ غَيُور على دِينِه، أَنْ نرَى المسلمين يخالفون هذه الأَحاديث والآثار، فقد تركُوا أَعمالهم ومصالحهم فى مواسِم أَهل الكتاب، واتَّخَذُوهَا أَيَّام فرَحٍ وسُرُور، وشارَكُوا أَهلها فى التَّوْسِعَة بكَثْرَةِ الطَّعَامِ والَّرَابِ ولبْس أَجْمل الثَّيَاب وصَبْغ البَيْض فيها للأَوْلاد.

وبهذا تحقَّقَ (قول) النبىَّ صلى الله عليه وسلم: لَتَتَّبِعُنَّ سُنَنَ الذين من قبلِكُم شِبْاً بشِبْرٍ وذِرَاعٍ، حتى لو سَلكُوا جُحْرَ ضَبّ لَسَلكْتُمُوه قُلْنَا: يا رسول الله، اليهود والنَّصَارَى؟ قال فمنْ غيرهم. أَخرجه أَحمد والشيخان عن أَبى سعيد الخدرىّ (١) {١٠٣} ولنبيِّن هُنَا سِتَّةً من هذه المواسِم ليتبيَّنَ العاقل الأَمْرَ وليقِفَ عند حَدِّ الشَّرْع.

[١ - عيد النيروز]

النَّيْرُوز، بفتح فسكون، معرّب نوروز بالفارسية. ومعناه يوم جديد، وعيده يكون فى أَوائل تُوث وفى النِّصْف الثانى من سبتمبر أَوَّل فَصْل الخريف. احْتَفَلَ بهِ قُدَمَاءُ المصريين عندما جعل العلامة المصرى تُوث رأْس سَنَتِهم المالية موافقةً لظهور الشَّعرى (٢) مع الشمس.

ومعنى تُوث: ظهور أَول الفيضان. وقد عرفوا لَهُ هذا الجميل فَسَمُّوا الشهر الأَوَّل من سَنَتِهم باسْمِه. ولم يُسَمّ رأْس السنة المصرية نَيْروزاً إِلاَّ بعد دخول العرب مصر، وشاركَ المسلمون الأَقباط فى الاحتفالِ به من عهد الفاطميين باعتبار أَنه فاتحةَ بابِ الخير على المصريين بإِرواءِ أَراضيهم بفَيَضَان النِّيل السعيد.


(١) ص ١٩٧ ج ١ الفتح الربانى، وص ٣١٩ ج ٦ فتح البارى (ماذكر عن بنى إسرائيل - أحاديث الأنبياء) وص ٢١٩ ج ١٦ نووى مسلم (كتاب العلم).
(٢) الشعر هى أنور النجور الثوابت، تبعد عنا ١٣٤٣٣٠٠٠ ثلاثة عشر مليوناً وأربعمائة وثلاثة وثلاثين ألف ميل. وجرمها يكاد يكون أكبر من جرم الشمس مائتى مرة.