للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[(و) الروح]

(قيل) إن الروح أمر غيبي استأثر الله بعلمه. قال تعالي " قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً " (١). (وقيل) الروح جسم نوراني لطيف تعجزوه متحرك ينفذ فكأني الأعضاء ويسرى فيها سريان الماء فكأني العود الأخضر والدهن فكأني الزيتون فما دامت هذه الأعضاء صالحة لقبول الآثار الفائضة عليها منهذا الجسم اللطيف بقى ذلك الجسم مشابكا لهذه الأعضاء أفادها هذه الآثار من الحس والحركة الإرادية. وإذا فسدت هذه الأعضاء بسبب استيلاء الأخلاط الغليظة عليها وخرجت عن قبول تلك الآثار فارق الروح البدن وانفصل إلى عالم الأرواح. ثم الكلام حي أربعة فروع:

(١) أدلة أن الروح جسم: وهذا هو الصواب دل عليه الكتاب والسنة وإجماع الصحابة والعقل والفطرة، وهاك ٢٦ دليلا: (١ - ٣) قال الله تعالى: " اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى " (٢)، وفى الآية ثلاثة أدلة: الإخبار بتوفيها، وإمساكها، وإرسالها


(١) الإسراء: ٨٥
(٢) الزمر: ٤٢ (يتوفى الأنفس .. ) أى يقبض الرواح عند حضور آجالها ظاهرا بحيث ينعدم التمييز والإحساس وباطنا بحيث تنعدم الحياة والروح والحركة (والتى لم تمت ... ) أى ويبض الرواح التى لم تحضر آجالها عند نومها ظاهرا بحيث ينعدم التمييز والإحساس لا باطنا لبقاء الحياة والروح والحركة (فيمسك التى قضى عليها الموت) أى لا يردها الى جسدها ولا تحيا حياة دنيوية (ويرسل الأخرى) أى التى لم تمت فى منامها (إلى أجل مسمى) هو وقت موتها (انظر ص ٢٨٧ ج ٣ ساوى الجلالين).