للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[(٢) وقت الجمعة]

الوقت وإن كان شرطاً لكل صلاة، لكن الجمعية تختص بأنها لا تصح


= وهو محافظة المسلمين على مظهر اتحادهم واتفاق كلماتهم: وأنت ترى أيها المسلم المخلص لدينه أن هذا المقصد ليس بفائت أبداُ حين يكون تعدد الجمعة قد نشأ عن تعذر اجتماعهم في مكان واحد إذ إمامنا الجليل ليس من عدم فهم الإسلام وروح التشريع إلى حد أن يغيب عنه ما هو من أول أصول الإسلام وهو التيسير ورفع الحرج عن جميع تكاليفة "ما جعل عليكم في الدين من حرج" وكيف يصح أن يفهم عن ذلك الإمام الجليل أن لا سبيل إلى الخلوص من تعدد الجمعة ولو كانت الضرورة الملجئة هي الداعية إليه إلا اختراع عبادة وابتداع صلاة سادسة (وهذا) إمامنا الجليل الإمام الشافعي قد دخل بغداد والجمعة تصلي فيها متعددة فلم يكن منه على ذلك إنكار على أي وجه من وجوه الإنكار فضلا عن أن يصلى بعد الجمعة ظهراً، لأنه يعلم أن محل فوت الغرض عند التعدد إذا لم يكن التعدد عن ضرورة (ولما كان) موقف الإمام من تعدد الجمعة هو هذا الموقف (لم ينكر تعددها ولا صلى بعد الجمعة ظهراً) فقد حاول بعض علماء الشافعية أن يؤولوه بتأويلات بعيدة ليحافظوا بها على امتناع التعدد ولو كانت إليه ضرورة (فمنهم) من قال إن الشافعي لم ينكر تعدد الجمعة ببغداد لأنها قد كان بها نهر يشقها شقين فجعلها كبلدين فكانت لكل بلد جمعة ولما كان هذا التأويل تأويلا بعيداً فقد اعترض عليه الشيخ أبو حامد أنه لو كان الأمر كذلك لكان لمن يجاوز أحد الشقين إلى الشق الآخر في سفره أن يقصر الصلاة قبل مجاوزته ذلك الشق الآخر (ومنهم) من أول ذلك بأن سكوت الإمام على التعدد إنما كان لأن المسألة مسألة اجتهادية وليس لبعض المجتهدين أن ينكر على بعض. وإذا كان الإمام الذي تقلده قد رأيناه بهذا الاعتبار لم ينكر التعدد ولم يبطل الجمعة فلم يصل بعدها ظهراً، فما بال مقلديه لم يسعهم ما وسعه؟ وهو خفي على الإمام ما هم قد أدركوه؟ لقد كان يجب أن نأخذ بمثل هذا التأويل ولو فرضناه على أكثر ما يكون من ضعف ما دمنا نتفادى به عن اختراع عبادة جديدة وابتداع صلاة سادسة مادام الإمام الذي نقلده لم يكن طيلة حياته أن صلى بعد الجمعة ظهراً حماه الله جريمة الاختراع والابتداع والمختار الذي عليه أكثر الشافعية أن الإمام الشافعي إنما لم ينكر التعدد ببغداد لأنه قدر أي بها كثرة لا يمكن لها أن تجتمع في مسجد واحد وعلى ذلك فالراجع في =