(وقال) المزنى والحسن بن زياد: إنها غير مشروعة بعد وفاة النبى صلى الله عليه وسلم. وروى عن أبى يوسف لمفهوم آية:{وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ} فإنه يفيد أنه إذا لم يكن فيهم لا تصلى بهذه الكيفية.
(وقال) بعض فقهاء الشام: تؤخر الصلاة فى الحرب إلى وقت الأمن كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الخندق.
(وسبب) الاختلاف أن صلاة النبى صلى الله عليه وسلم بأصحابه صلاة الخوف، هل هى عبادة أو لمكان فضل النبى صلى الله عليه وسلم؟ فمن رأى أنها عبادة، لم ير أنها خاصة بزمانه صلى الله عليه وسلم، ومن رآها لمكان فضله، رأى أنها خاصة به صلى الله عليه وسلم.
قال الطحاوى: كان أبو يوسف قد قال مرة: لا تصلى صلاة الخوف بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وزعم أن الناس إنما صلوها معه صلى الله عليه وسلم لفضل الصلاة معه. وهذا القول عندنا ليس بشئ (١).
(وأجاب) الجمهور:
(أولا) بأن الأصل فى فعل النبى صلى الله عليه وسلم التشريع حتى يقوم دليل على التخصيص. فآية:{وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ} كآية: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً}. وليس هذا من خصائصه صلى الله عليه وسلم اتفاقاً، وإن كان هو المخاطب به. فالحكم بعده باق لا سيما وقد قال صلى الله عليه وسلم: صلوا كما رأيتمونى أُصلى. فمنطوقه مقدم على مفهوم آية:{وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ}.
وأيضاً فإن شرط كونه فيهم إنما ورد لبيان الحكم لا لخصوص وجوده، والمعنى: بين لهم بفعلك كيفية صلاة الخوف لكونه لا لخصوص وجوده، والمعنى: بينلهم بفعلك كيفية صلاة الخوف لكونه أوضح من القول (قال) ابن المنير: الشرط إذا خرج مخرج التعليم لا يكون له مفهوم كالخوف فى