للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(وأجابوا) عن حديث عبد الله بن أنيس بأنه وقعة عين خاصة به لورود الأمر الخاص به وكونه عليه الصلاة والسلام عينه لقتل هذا الرجل وجعل له علامة عليه وهى قشعريرة تحصل له عند رؤيته، فكان ذلك كما أخبر، وكان معجزة وعلماً من أعلام النبوة، فلا يلزم من اغتفار المشى الكثير له فى هذه الحالة اغتفار ذلك لغيره. ويحتمل أن يقال: كان عبد الله بن أنيس فى معنى الطالب الذى يخشى كرة العدو، إذ لا يأمن شر خالد بن سفيان لو عرفه قبل المبادرة إليه.

قال ابن المنذر: كل من أحفظ عنه من أهل العلم يقول: إن المطلوب يصلى على دابته يومئ غيماء، وإن كان طالباً نزل فصلى على الأرض. قال الشافعى: إلا أن ينقطع عن أصحابه فيخاف عود المطلوب عليه فيجزئه ذلك. وعرف بهذا أن الطالب فيه التفصيل بخلاف المطلوب. ووجه الفرق ان شدة الخوف فى المطلوب ظاهرة، وأما الطالب فلا يخاف استيلاء العدو عليه وإنما يخاف أن يفوته العدو، وهذا متعقب بكلام الأوزاعى فإنه لم يفرق بين الطالب والمطلوب: قاله الحافظ (١).

والظاهر ان مرجع هذا الخلاف إلى الخوف المذكور فى الاية، فمن قيده بالخوف على النفس والمال من العدو فرق بين الطالب والمطلوب، ومن جعله أعم من ذلك لم يفرق بينهما وجوز صلاة الخوف للراجل والراكب عند حصول أى خوف.

(تنبيه) علم مما تقدم حرص الشارع على الصلاة واهتمامه بأمرها حتى طلب تأديتها من المجاهدين فى سبيل الله تعالى والعدو يطاردهم ويطاردونه، ولم يبح لهم تأخيرها عن وقتها، وبهذا تميزت عن سائر العبادات، إذ كلها تسقط بالأعذار بخلاف الصلاة، فإنه لا يحل لمن فى راسه عقل تركها بحال من الأحوال، فإن تركها جريمة كبرى توجب قتل التارك ولو لصلاة واحدة،


(١) (انظر ص ٢٩٨ ج ٢ فتح البارى) صلاة الطالب والمطلوب).