للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وقال) أَبو المليح قال نُبَيْشَة: نَادَى رَجُل وهو بمنى فقال: يا رسول الله، إِنَّا كُنَّا نَعْتِرُ عتِيرَةً فى الجاهلية فى رَجَب، فما تَأْمُرنا يا رسول الله؟ قال: اذْبَحُوا لله فى أَىِّ شَهْرٍ كان، وبِرُّوا اللهَ عَزَّ وجَلَّ وأَطْعِمُوا. قال: إِنَّا كُنَّا نُفْرَع فْرَعاً فما تَأْمُرنا؟ قال: فى كل سائمةٍ فَرع تَغْذُوهُ ما شِيَتُكَ حتى إِذا اسْتَجْمَلَ ذَبَحْتهُ وتَصَدَّقْتَ بلَحْمهِ عل ابْنِ السَّبِيل، فإِنَّ ذلك خَيْر. أَخرجه الشافعى وأَحمد والأَربعة إِلاَّ الترمذى (١) {٧٤}.

(فما ذُكر) يدلُّ على إِباحة الفرع والعتيرة (وبه) قالت الشافعية والحنبلية.

(وقال) الحنفيون والمالكية بكَراهة الفرع والعتيرة " لحديث " أَبى هريرة أَنَّ النبىَّ صلى الله عليه وآله وسلم قال: لا فَرَع ولا عَتِيرَة. أَخرجه السبعة إِلاَّ الترمذى (٢) {٧٥}.

(وهو) نفى فى معنى النَّهْى، يدل عليه ما فى رواية النسائى عن أَبى هريرة قال: نَهَى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن الفَرَع والعَتِيرَة.

(قال) القاضى عياض والحازمى: هذا الحديث ناسخ للأَحاديث الدَّالة على إِباحة الفرع والعتيرة. وعلى هذا جماهير العلماءِ. قالوا: حديث أَبى هريرة مُتَأَخِّر فإِنه أَسْلَم فى السَّنة السابعة من الهجرة (وردّ) بما تقَدَّم


(١) ص ٦٩ ج ٣ تكملة المنهل (العتيرة) وباقى المراجع بهامش ٤ ص ٧١ منه (واذبحوا لله) أى اذبحوا إن شئتم فى رجب وغيره. والأمر للندب. و (بروا الله) بكسر الباء وفتحها، أمر من بر من بأبى ضرب وعلم، أى أطيعوا الله. و (نفرع) بضم فسكون من أفرع، أو بضم ففتح فراء مكسورة مشددة، من التفريغ. و (السائمة) الماشية المرسلة فى كلأ مباح (تغذوه ما شيتك) بفتح أوله، أى تغذية ماشيتك بلبنها، أو تغذية أنت مع ماشيتك أو مثل ما شيتك. وعليه فماشية منصوبة. و (استجمل) بالجيم، أى صار جملا. وبالحاء، أى قوى للحمل وصار مستطاب اللحم مرغوباً فيه فيذبح حينئذ ويتصدق به بخلاف ما كانت عليه الجاهلية فإنهم كانوا يذبحونه وقت ولادته شعره بلحمه فتعافه النفوس.
(٢) ص ٧١ ج ٣ تكملة المنهل (العتيرة) وباقى المراجع بهامش ١ ص ٧٢ منه.