للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(قال) ابن الحاج فى المدخل: مِنَ المواسِمَ التى نَسَبُوها إِلى الشَّرْع وليست منه، أَوَّل لَيْلَةٍ من رجب فيتكَلَّفُون فيه النفقات والحلْوَى المحتَوِية على الصُّوَر المحرَّمة شَرْعاً، لقوله عليه الصَّلاة والسلام: مَنْ صَوَّر صُورَةً فإِنَّ اللهَ يُعَذِّبَهُ حتى ينفخَ فيها الرُّوح وليس بنافخ فيها أَبَداً (١) {٨٢}.

(فهذا) دليلٌ على تحريم الصُّوَر التى لها رُوح، وعلى عذابِ مَنْ صَوَّرَها. فمن اشتراها منهم فهو مُعِين لهم على تَصْويرها، وكذا الوقوف للنظر إِليها والتعَجُّب مع العِلْم بالتَّحْرِيم. ومَنْ فَعَلَ ذلك ففى قبول شهادته نَظَر، فلا ينعَقِدُ النِّكَاح بشهادته حتى يَتُوبَ تَوْبة بشروطها، ولو كَسَرَ صُوَرَ الحلْوَى وبَاعَها مكْسُورةً جازَ بَيْعُهَا وشِرَاؤها. لَكِنْ يُكْرَهُ لأَهْل الفَضْل المقْتَدَى بهم شِرَاؤها. ليَكُونَ أَبْلَغَ فى زَجْر فاعِلها على الصِّفَة المنهىّ عنها.

(فانظر) إِلى هذه المفاسِد وكَثْرَتِها وهم يَزْعُمونَ أَنَّهَا مِنَ المواسِم الشرعية، وأَنَّ ذلك تَعْظِيمٌ لهذا المؤْسِم. ثم زَادُوا فيه من التكَلُّفِ مُهَادَاةِ الأَقارِبِ والأَصْهَار، وتكليفِ النِّسْوَةَ أَزواجَهُنِّ بهذه التكاليف التى أَحْدَثُوها ورما يؤول أَمْرهم - إِن قَصَّرَ فى التَّوْسِعَة - إِلى الفراق أَو ما يَقْرُب منه، وقد قال عليه الصلاة والسلام: أَنا وأُمَّتى بَرَاءٌ مِنَ التكَلُّف (٢) {٨٣}.

(والتكَلُّف) مذمُومٌ فى المواسِم الشرعية والعبادات الدينية، فكيف به فى موسِم محدث غير شَرْعِىّ.


(١) أخرج الشيخان عن ابن عباس، أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: من صور صورة فى الدنيا كلف أن ينفخ فيها الروح يوم القيامة وليس بنافخ. تقدم رقم ٢٩٥ ص ٢٠٨ ج ٣ دين. والمراد أنهم يعذبون ويقال لهم: لا تزالون فى عذاب حتى تحيوا ما خلقتم. وهو محال.
(٢) ذكره الشيخ إسماعيل العجلونى فى كشف الخلفاء بلفظ: أنا والأتقياء من أمتى بريئون من التكلف. وقال: قال النووى: ليس بثابت، وأخرجه الدارقطنى فى الأفراد بسند ضعيف عن الزبير بن العوام. انظر رقم ٦٢٠ ص ٢٠٥ ج ١.