للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(ولا منافاةَ) بين رواياتِ الجهْرِ بالقراءَةِ والسِّرِّ فيها، لثبوتِ كُلِّ عنه صلى الله عليه وسلم بناءً على أَنَّ صلاَةَ الكُسُوف تَعَدَّدَتْ. أَمَّا على أَنَّها لم تتعَدَّد فترجح رواياتِ الجَهْر لثبوتِها فى الصَّحِيحَيْن، ولكونها متضمنة للزيادةِ فيعمل بها، ولكونها مثبتة فتقدم على النافية (قال) ابن العربى: الجَهْر عِنْدِى أَوْل لأَنَّهَا صلاةٌ يُنَادَى لها ويخطب. فاَشْبَهَت العيد والاستسقاءَ والتراويح.

وعن مالك: يُخَيَّر فى القراءَة بين السَّرَّ والجهْرِ (قال) أَبو مُحمد عبد الله بن قُدَامَة: ومهما قَرَأَ به جازَ، سواءٌ أَكانت القراءَة طويلة أَمْ قصيرة. وقد روى عن عائشة أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يُصَلِّى فى كُسُوف الشَّمْس والقَمَر أَرْبَع ركعاتٍ سجداتٍ، وقرأَ فى الأُولى بالعنكَبوت والرُّوم، وفى الثانية بيَس. أَخرجه الدارقطنى (١) {١٢٢}.

٦ - الجماعة فى صلاة الكسوف: دَلَّتْ أَحاديثُ الباب على أَنَّ الجماعة مشروعةٌ فى صلاةِ الكُسُوف. ويُسَنُّ فِعْلُهَا جماعةً وفُرَادَى عند مالك والشافعى وأَحمد، لما تقَدَّمَ من قوله صلى الله عليه وسلم: فإِذا رَأَيْتُمْ منهما شيئاً فَصَلُّوا وادْعُوا (٢) ولأَنَّهَا نافلة فجازتْ فى الانفرادِ كَسَائر النَّوَافِل. وفِعْلُهَا فى الجماعةِ أَفْضَلَ، لأَنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم صَلاَّها جماعة.

(والسُّنة) أَنْ تُصَلَّى فى المساجد، لأَنَّ النبىَّ صلى الله عليه وعلى آلأه وسلم فَعَلَها فيه (قالت) عائشة رضى الله عنها: خَسَفَتِ الشَّمْسُ فى حياةِ رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فخرجَ إِلى المسجد فَصَفَّ النَّاسُ


(١) ص ٢٧٨ ج ٢ مغى (الجهر فى صلاة الكسوفين جميعاً).
(٢) تقدم فى الحديث رقم ١١١ ص ١٠٧ (عددها).