للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رضى الله عنهما: لقد أَمَرَ النبىُّ صلى اله عليه وعلى آله وسلم بالْعِتَاقَه فى كُسُوفِ. أَخرجه أَحمد والبخارى وأَبو داود (١) {١٤٥}.

وفى الكُسُوف تخويف من الله تعالى، فينبغى أَن يُبَادِرَ إِلى طاعَتِه ليَكْشِفه عن عِبَادِه. ومع هذا نَرَى الكَسُوفَ والخُسُوفَ يَقَعَانِ كُلَّ عام ولا نَرَى أَحَداً مِنَ العامَّة ولا مِنَ ذُكِر، ولا يَدْعُو غيره إِلى ذلك، إِحياءً لهذه السُّنة الدارسة وإِماتةً للبِدْعَه التى شَاعَتْ بين العامَّة. فهم يَأْمُرُونَ الأَوْلآدَ عند خُسُوفِ القمر بالطَّوافِ بالبلد ودَقّ الطُّبول وقَرْع النُّحاس بالصُّفِيح، ويصِيحُون بكلماتٍ تُشْعِر بالْجَهْل والْخِزْى والعار (٢)، ويَزْعُمُون أَنَّ سبب كُسُوفِ الشمس جَرّ الملائكَة لها على عَجَل لإِغراقها فى البحر فيبتلعها الْحُوت. ولا مَنْشَأَ لهذا إِلاَّ الْجَهْل الفَضِح، وإِهمال تَعَلُّم أَحكام الدَّين، وعدم الاهتداءِ بهَدْى النبىِّ الأَمِين صلى الله عليه وسلم، وعَدَم قيام أَهْل العِلْم بالأَمْر والنَّهْى وإِرشادِ لعامَّة إِلى طرق السَّعادة.


(١) ص ٢٢٤ ج ٦ الفتح الربانى، وص ٣٦٩ ج ٢ فتح البارى (من أحب العتاقة فى الكسوف) وص ٤٠ ج ٧ المنهل العذب. و (العتاقة) بفتحتين، مصدر عتق العبد، من باب ضرب، عتقاً وعتاقة وعتاقاً.
(٢) من هذا قولهم: يا قمرنا يا هادى ... يا لباس البغدادى
وقولهم: يا لطيف الطف بنا ... واحنا عبيدك كلنا
وقولهم: يا بنات الحور ... سيبوا قمرنا ينور
وقولهم: يا بنات الحور سيبوا القمر ... القمر مكسوف ما معناش خبر
(وأما ما يحكى) أن فلكياً أنبأ أحد الأمراء بخسوف القمر فى سنة معينة، فلم يعتقد نبأه خسف القمر كان الأمير نائماً، فأراد الفلكى حيلة لإيقاظه ليشهد الحال بنفسه، فقال للناس: إن الحوت يبتلع القمر فاضربوا الطبول، وأحدثوا ضجة شديدة ليفر الحوت ويترك القمر، فلما فعلوا ذلك أستيقظ الأمير وشاهد القمر مخسوفاً فكافأ الفلكى (فخرافة) وعلى فرض أنها حقيقة فعلى من أحدثها وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة.