للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"ولحديث" أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يصلي جالساً فيقرأ وهو جالس، فإذا بقي من قراءته قدر ما يكون ثلاثين أو أربعين آية قام فقرأها وهو قائم ثم ركع ثم سجد، ثم يفعل في الركعة الثانية مثل ذلك. أخرجه أبو داود (١) {٣٨٦}.

"ولقول" علقمة بن وقاص: قلت لعائشة: كيف كان يصنع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الركعتين وهو جالس؟ قالت: كان يقرأ فيهما، فإذا أراد أن يركع قام فركع. أخرجه مسلم (٢) {٣٨٧}.

(وبهذا) قال الجمهور ومنهم الأئمة الأربعة. (وقال) أبو يوسف ومحمد وأشهب المالكي: لا يصح القعود بعد القيام إلا لعذر، لأن الشروع في الطاعة على حال ملزم كالنذر، ولو نذر الصلاة قائماً لا تصح من قعود، فكذا هذا.

(وأجاب) الأولون (أولاً) بأن القيام ليس مشروعاً بالذات في النقل، بل هو من صفاته (وثانياً) بأن المشروع ليس ملحقاً بالنذر مطلقاً، بل في إيجاب أصل الفعل، فلا يكون الشروع في الأولى قائماً موجباً للقيام في الثانية، بخلاف النذر لأنه التزمه نصا فيلزمه (٣).

هذا، ومن صلى التطوع قاعداً بلا عذر فله نصف أجر القائم.


(١) ص ٦١ منه، وص ١٢ ج ٦ نووي مسلم (جواز النافلة قائماً وقاعداً).
(٢) ص ٦١ منه، وص ١٢ ج ٦ نووي مسلم (جواز النافلة قائماً وقاعداً).
(٣) وأيضاً فعله صلى الله عليه وعلى آله وسلم دليل على جواز الصلاة من قيام ثم من قعود. والله تعالى يقول: "وما آتاكم الرسول فخذوه، وما نهاكم عنه فانتهوا" الحشر، عجز آية ٧ ولا ريب أن فعله صلى الله عليه وعلى آله وسلم سنة. كما أن قوله وتقريره سنة، والحجة النيرة والسبيل المتبع هو فعل وقول المعصوم دون سواء. فلا يعدل عنه لهوى ورأى متبع، قال تعالى: "ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيراً" النساء، آية ١١٥.