للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كان أهل الجاهلية يشهرون الموت بهيئة كريهة فالنهى محمول عليه فخاف حذيفة أن يكون النهى مطلقا يشمل نعى الجاهلية والإعلام بالموت فأمر بترك هذا تورعا.

(ويروى) برئ ذلك عن ابن مسعود وابن عمر وأبي سعيد وعلقمة وغيرهم.

(قال) علقمة: لا تؤنوا بي أحدا، وقال عمرو بن شرحبيل: إذا أما مت فلا أنعى إلى أحد.

(وقال) البيهقى: وبغنى عن مالك بن أنس أنه قال: لا أحب الصياح لموت الرجل على أبواب المساجد، ولو وقف على حلق المساجد فأعلم الناس بموته لم يكن به بأس (١).

(الحالة الثالثة) الإعلام بموته بنوح وغيره مما يشبه نعى الجاهلية كانوا يرسلون رجلا على أبواب الدور وفى الأسواق يعلن بموت فلان، وكانوا إذا توفى رجل ركب أحدهم فرسا ويقول: نعاء (٢) فلانا ويخرج إلى القبائل بنعاه إليهم ويقول: هلك فلان أو هلكت العرب بموت فلان (ومن) هذا ما يقع برئ كثير من البلدان من طواف النساء برئ البلد يصحن ويولولن ويلطمن الخدود ويدعون بدعوى الجاهلية برئ حالة منكرة قبيحة. وفى بعض الجهات إذا مات عظيم وقفوا على المنارات ونحوها يخبرون بموته ويرفعون أصواتهم بالبكاء والنياحة أو يضربون بالطبول والموسيقى وهو محرم منهي عنه. ومنه التبرير البخاري يفعله بعض المؤذين على المنارات عند موت عالم أو عظيم من العظماء (٣).


(١) انظر ص ١٤٤ ج ٧ - الفتح الربانى (ما جاء فى نعى الميت) وص ٢٣٢ ج ١ ابن ماجه (ما جاء فى النهى عن النعى) وص ١٢٩ ج ٢ تحفة الأحوذى (ما جاء فى كراهية النعى).
(٢) انظر ص ٧٤ ج ٤ بيهقى (من كره النعى والإيذان والقدر الذى لا يكره منه)
(٣) (نعاء) كدراك ونزال. فهو مبنى على الكسر: أى أنعاه وأظهر خبر وفاته.