دل الحديث الثامن من أحاديث الباب على تحريم الذبح عند القبر وأنه من عمل الجاهلية، كانوا يعقرون الإبل على قبر الرجل الجواد يقولون: نجازيه على فعله لأنه كان يطعمها الأضياف فنحن نعقرها عند قبره لتأكلها السباع والطير، ومنهم من كان يزعم أنه إذا عقرت راحلته عند قبره حشر راكبا، ومن لا يعقر عنده حشر راجلا. وهذا زعم باطل، ومنه يعلم أن ما يفعله كثير من أهل زماننا الجاهلين من نحر الإبل أو غيرها عند خروج الميت من باب الدار أو عند القبر ليس له أصل في الدين بل هو بدعة مذمومة نهى عنها النبي صلى الله عليه وسلم، فليحذر من هذه البدعة ومما يفعله بعضهم من أنهم يحملون أمام الجنازة الخراف والخبز وغيرها ويسمون ذلك عشاء القبر، فإذا أتوه ذبحوا ما أتوا به بعد الدفن وفرقوه مع الخبز، ويقع بسبب ذلك تزاحم وضرب وإيذاء وعدم اعتبار بحال الميت.
... وهذا مخالف للسنة من وجوه:
... (ا) أن ذلك من فعل الجاهلية لما تقدم.
... (٢) ما فيه من الرياء والسمعة والمباهاة والفخر لأن السنة في القرب الإسرار بها لأنه أسلم والمشي بذلك أمام الجنازة جمع بين إظهار الصدقة والرياء، ولو تصدق بذلك في البيت سرا لكان عملا صالحا إذا سلم من البدعة بأن يتخذ ذلك سنة أو عادة لأنه لم يكن من فعل من مضى، والخير كله في اتباعهم رضي الله عنهم (١).