للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ويشترط عند الشافعية ألا ينوي نحو تبرد أو نظافة فقط. أما لو نوي الوضوء مع التبرد والنظافة، فإنه يصح (وحكمها) أنها ركن من أركان الوضوء عند المالكية والشافعية. وشرط صحة عند الحنابلة، لحديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: " إنما الأعمال بالنية، وإنما لامرئ ما نوى " (الحديث) أخرجه السبعة (١) {١٣٨}.

(وقال) الحنفيون: النية سنة مؤكدة في الضوء بغير سؤر الحمار ونبيذ التمر. وشرط في صحة الوضوء بهما احتياطان كما أنها شرط في كون الوضوء عبادة. فإذا قصد التبرد أو النظافة بدون نية الوضوء، فله أن يصلي به وأن لم يثب عليه، لأنه لا ثواب إلا بالنية. وقد واظب عليها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم. فمن تركها بلا عذر مع الإصرار أثم أثما يسيرا.

(وأجابوا) عن الحديث بأنه حديث آحاد يقبل التأويل، فيفيد السنية لا الوجوب (وقد) اختلف العلماء في تأويله. فذهب القائلون بلزوم النية، كمالك والشافعي وأحمد على أن المعنى: إنما صحة الأعمال بالنية. ومن لم يجعلها شرطا كالحنفيين والثوري، قالوا: المعنى إنما ثواب الأعمال وكمالها بالنية (ورجح) الأول بأن الصحة أكثر لزوما للحقيقة، لأن ما كان ألزم للشيء، كان أقرب إلى خطورة بالبال (وسبب) اختلافهم تردد الوضوء "بين" أن يكون عبادة محضة، أعني غير معقولة المعنى. وإنما يقصد بها القربة فقط كالصلاة وغيرها "وبين" أن يكون عبادة معقولة المعنى كغسل النجاسة. ولا خلاف في أن العبادة المحضة مفتقرة إلى النية، والعبادة المفهومة المعنى غير مفتقرة إلى النية. والوضوء فيه شبه من العبادتين. وذلك أنه يجمع عبادة ونظافة. والفقة أن ينظر بأيهما هو


(١) أنظر ص ١٣٦ راموز الأحاديث.