(٢) سورة آل عمران: آيات ١٦٩ و ١٧٠ و ١٧١ (قال) الجمهور حياة الشهداء حياة محققة ترد إليهم أرواحهم في قبورهم فينعمون ويرزقون من ثمر الجنة ويجدون ريحا وليسوا فيها. (وقيل) إنها حياة مجازية. والمعنى أنهم مستحقون للتنعيم في الجنة. والصحيح الأول. ولا موجب للمصير إلى المجاز لأن ما صح به النقل فهو الواقع. وقد وردت السنة بأن أرواحهم في حواصل طيور وأنهم يرزقون في الجنة ويأكلون ويتنعمون (عند ربهم) أي في كرامته فهي عندية الكرامة لا عندية المسافة والقرب. و (يرزقون) الرزق المعروف فهم يأكلون من ثمار الجنة. وقيل المراد بالرزق الثناء الجميل، والصحيح الأول لما سبق. و (فرحين بما آتاهم الله من فضله) أي هم مسرورون بما ساقه الله إليهم من الكرامة بالشهادة وما صاروا فيه من حياة طيبة وما يصل إليهم من رزق الله تعالى (ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم) أي يفرحون بما أعطاهم، وبما أعد لإخوانهم الشهداء وغيرهم الذين لم يموتوا بعد لأنهم لما عاينوا ثواب الله وما أعده الله للمسلمين وتيقنوا بحقية دين الإسلام، استبشروا بذلك لجميع أهل الإسلام وإن لم يقتلوا فهم فرحون بأنفسهم بما أعطاهم الله مستبشرين للمؤمنين بأن لا خوف عليهم ولا هم يحزنون. و (يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين) كرر يستبشرون للتأكيد ولبيان أن الاستبشار ليس لمجرد عدم الخوف والحزن بل به وبنعمة من الله وهي الجنة والمغفرة. والفضل من النعمة ذكر بعدها للتأكيد. وفيه دليل على اتساع النعمة وأنها ليست كنعم الدنيا، فهم يستبشرون بنعمة الله عليهم وبأن الله لا يضيع أجر المؤمنين .. وقد ورد في هذا أحاديث تقدم منها حديث مسروق عن عبد الله رقم ٣٢٥ ص ١٨٨ ج ٧ - الدين الخالص، وحديث ابن عباس رقم ٣٢٩ ص ١٩٠ منه (مصير الروح بعد خروجها).