للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"يأيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض" (١). أمر الله تعالى بالإنفاق مما أخرجه من الأرض، فدل على أن الوجوب متعلق بالخروج (وقال) أبو يوسف: تجب الزكاة بالإدراك لقوله تعالى: "وأتوا حقه يوم حصاده". ويوم حصاده هو يوم إدراكه فكان هو وقت الوجوب. (وقال) محمد بن الحسن: تجب الزكاة بالتنقية في الحبوب والجذاذ في الثمر لأنه حينئذ يتناهى عظم الحب والثمر.

(وفائدة) هذا الاختلاف على قول النعمان لا تظهر إلا في الاستهلاك فما كان منه بعد الوجوب يضمن عشره وما كان قبله لا يضمن. وأما عند أبي يوسف ومحمد فتظهر ثمرة الخلاف في الاستهلاك والهلاك في حق تكميل النصاب وما هلك قبله لا يعتبر. وبيانه أنه إذا أتلف إنسان الزرع أو الثمر قبل الإدراك أخذ صاحب المال من المتلف ضمان المتلف وأدى عشره، وإن أتلف البعض دون البعض أدى قدر عشر المتلف من ضمانه، وإن أتلفه احبه أو أكله كلا أو بعضا يضمن عشره ويكون دينا في ذمته عند النعمان لأن الإتلاف حصل بعد الوجوب فكان الحق مضمونا. وأما عندهما فلا يضمن عشر المتلف لأن الإتلاف حصل قبل الوجوب، ولو بعد الوجوب ويكون عليه عشر الباقي قل أو كثر عند النعمان، لأنه لا يشترط النصاب. وكذا عندهما إن بقى نصاب، وإن هلك بعد الإدراك والتنقية والجذاذ أو بعد الإدراك قبل التنقية والجذاذ سقط الواجب اتفاقا، وإن هلك بعضه سقط بقدره وبقى عشر الباقي ولو قل عند النعمان، وعندهما يكمل نصاب الباقي بالهالك (٢).


(١) سورة البقرة، الآية، رقم ٢٦٧.
(٢) انظر ص ٦٣ ج ٢ بدائع الصنائع.