كتاب الدين الخالص أو إرشاد الخلق إلى دين الحق

الصيام - (٢) وقت الصوم - ج: 8 - ص: 321

واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل" (١).

والمراد بالخيط الأبيض بياض النهار وبالأسود ظلمة الليل (قال) عدي بن حاتم رضي الله عنه: لما نزلت "حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود" عمدت إلى عقال أسود وإلى عقال أبيض، فجعلتهما تحت وسادتي فجعلت أنظر في الليل فلا يستبين لين فغدوت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت له ذلك، فقال: "إنما ذلك سواد الليل وبياض النهار" أخرجه الشيخان وأبو داود (٢) {٦}

فكان هذا تعيين الليالي للفطر والنهار للصوم، ولأن الحكمة التي لها شرع الصوم من التقوى وتعرف قدر النعم الحامل على شكرها لا يحصل بالصوم في الليل لأن ذلك لا يحصل إلا بفعل شاق على البدن مخالف للعادة وهوى النفس ولا يتحقق ذلك بالإمساك في حالة النوم فلا يكون الليل محلاً للصوم (٣).

(ب) والذي يرجع إلى وصف الوقت من الخصوص والعموم ثلاثة أقسام:

(الأول) وقت صوم التطوع وهو السنة كلها ما عدا يومي العيد وأيام التشريق ورمضان، فيجوز صوم التطوع خارج رمضان في كل أيام السنة

---

(١) سورة البقرة: آية ١٨٧ "وابتغوا ما كتب الله لكم" أي اطلبوا ما قدر الله لكم من الولد أو الرخصة بإباحة الطعام وغيره طول الليل، وسيأتي بيان الآية إن شاء الله تعالى.
(٢) انظر ص ٩٣ ج ٤ - فتح الباري (قول الله تعالى: وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود) وص ٢٠٠ ج ٧ - نووي (الدخول في الصوم بطلوع الفجر) وص ٧٠ ج ١٠ المنهل العذب المورود (وقت السحور)، و (العقال) بكسر العين: الحبل يعقل بن البعير (إنما ذلك) إشارة إلى ما ذكر من قوله: حتى يتبين لكم الخيط الأبيض .... إلخ، وعند مسلم وأبي داود: عن وسادك لعريض إنما هو سواد الليل وبياض النهار.
(٣) انظر ص ٧٧ ج ٢ - بدائع الصنائع.