للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قدم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم المدينة في ربيع الأول فأقام بها إلى عاشوراء من السنة الثانية فوجد اليهود يصومونه فصامه وأمر بصيامه لا تقليداً لهم بل لوحي نزل عليه، أو لأنهم اخبروا أن موسى كان يصومه فصامه شكراً لله على نجاة موسى من عدوه.

... وكانت قريش تصومه عملاً بما علموا من شريعة إبراهيم وإسماعيل وموسى عليهم الصلاة والسلام وكانوا يعظمونه بكسوة الكعبة فيه وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصومه قبل البعثة موافقة لهم وبعد البعثة وقبل الهجرة بوحي لأنه فعل خير. ولما هاجر إلى المدينة صامه وأمر الناس بصيامه استئلافاً لليهود. وكان صلى الله عليه وسلم في بدء الهجرة يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم ينه عنه (وكان) اليهود يعظمونه بالصوم وغيره كما قال أبو موسى الأشعري: "كان أهل خيبر يصومون عاشوراء يتخذونه عيداً ويلبسون نساءهم فيه حليهم وشارتهم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: فصوموه أنتم" أخرجه مسلم (١) {١٢٠}

وللأمر بصيامه قال الحنفيون ومالك وبعض الشافعية: إن صيام يوم عاشوراء كان فرضاً ثم نسخ بفرض رمضان وصار صومه سنه وروي عن أحمد (ويؤيده) ما تقدم أن أسلم أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "صمتم يومكم هذا؟ قالوا لا. قال: فأتموا بقية يومكم واقضوه" أخرجه أبو داود، قال يعني يوم عاشوراء (٢) {١٢١}

يعني أمسكوا عن المفطر بقية اليوم واقضوه بعد وهذا يدل على أن صيامه كان واجباً.

(والمشهور) عند الشافعية وأحمد: أن صوم عاشوراء سنة من حين شرع


(١) انظر ص ١٠ ج ٨ نووي (صوم يوم عاشوراء) و (الحلي) بفتح فسكون جمعه حلي بضم الحاء وكسرها وكسر اللام وشد الياء و (الشارة) بالشين المعجمة بلا همز- الهيئة الحسنة والجمال أي يلبسونهن اللباس الحسن الجميل.
(٢) تقدم رقم ٣٢٣ ص ٣٥١ (من صار أهلاً للصوم).