للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والمعنى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا صام التطوع تابع الصيام حتى تظن أنه لا يفطر، وإذا أفطر تابع الإفطار حتى نظن أنه لا يصوم. وهذه كانت حالته صلى الله عليه وسلم في رجب وغيره، لكن الحديث يؤخذ منه أن هذه الحالة برجب فيفيد فضل الإكثار من الصوم فيه، والأولى إبقاء الحديث على عمومه وأن رجباً كغيره من الشهور. ويؤيده (حديث) سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: "ما صام النبي صلى الله عليه وسلم شهراً كاملاً قط غير رمضان ويصوم حتى يقول القائل لا والله لا يفطر ويفطر حتى يقول القائل لا والله لا يصوم" أخرجه البخاري (١) {١٤٥}

فالظاهر أن مراد سعيد بن جبير بهذا الاستدلال انه لا نهي عنه ولا ندب فيه لعينه بل له حكم باقي الشهور ولم يثب في صوم رجب نهي ولا ندب لعينه ولكن أصل الصوم مندوب إليه (٢). "وأما حديث" ابن عباس: "أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم نهى عن صوم رجب" أخرجه ابن ماجه (٣) {١٤٦}

"فضعيف" لأن فيه داود بن عطاء متفق على ضعفه وزيد بن عبد الحميد متكلم فيه، وعلى تقدير صحته فهو محمول على صوم رجب كله وإفراده بالصوم. ولذا قال أحمد: يكره صوم جميعه منفرداً، فإن صام السنة كلها ما عدا يومي العيد وأيام التشريق فلا بأس بصيام جميعه (وقد) ورد في صيام رجب والعبادة فيه أحاديث منها الباطل ومنها الضعيف ذكر بعضها- للتنبيه وعدم الاغترار بها- في المنهل العذب المورود (٤) (ولذا) حكى ابن السبكي عن محمد بن منصور السمعاني أنه قال: لم يرد في استحباب صوم رجب على الخصوص سنة ثابتة، والأحاديث التي تروي فيه


(١) انظر ص ١٥٥ ج ٤ فتح الباري (صوم النبي صلى الله عليه وسلم وإفطاره).
(٢) انظر ص ٣٨ ج ٨ نووي مسلم.
(٣) انظر ص ١٧٣ ج ١ - ابن ماجه (صيام الأشهر الحرام).
(٤) انظر ص ١٨٦ ج ١٠ (صوم رجب).