(٨) يباح للصائم بلع ريقه أولاً فأولاً، لأن في اتقائه حرجاً ومشقة ولا يمكن الاحتراز عنه "وما جعل عليكم في الدين من حرج" أما إذا جمع ريقه في فمه ثم ابتلعه فإنه يكره لما فيه من الشبهة ولا يفطر به إجماعاً. أما إذا ابتلع ريق غيره فعليه القضاء إجماعاً (١). وكذا عند الحنفيين إذا ابتلع ريق حبيبه لأنه مرغوب فيه طبعاً يلتذ به. ولا كفارة عند الشافعية والحنبلية (وإن جمع) شخص ريقه ثم ابتلعه قصداً لم يفطره، لأنه يصل إلى جوفه من معدته فأشبه ما إذا لم يجمعه (وعن) احمد أنه يفطره لأنه أمكنه التحرز منه فأشبه ما لو قصد ابتلاع غبار الطريق، والأول أصح فإن الريق لا يفطر إذا لم يجمعه وإن قصد ابتلاعه فكذلك إذا جمعه بخلاف غبار الطريق فإن خرج ريقه إلى ثوبه أو بين أصابعه أو بين شفتيه ثم عاد فابتلعه أنظر، لأنه ابتلعه من غير فمه فأشبه ما لو بلع ريق غيره (ولو) ترك في فمه حصاة أو درهماً فأخرجه وعليه بلة من الريق ثم أعاده في فيه نظر (فإن) كان ما عليه من الريق كثيراً فابتلعه أفطر.
وإن كان يسيراً لم يفطر بابتلاع ريقه، لأنه لا يتحقق انفصال ذلك البلل ودخوله إلى حلقه فلا يفطره كالمضمضة والتسوك بالسواك الرطب المبلول (ولو) أخرج لسانه وعليه بلة ثم عاد فأدخله وابتلع لم يفطر، وإن ابتلع النخامة ففيها روايتان إحداهما يفطر لأن النخامة تنزل من الرأس والريق من الفم (ولو) تنخم من جوفه ثم اذدرده أفطر لأنه أمكن التحرز منها فأشبه الدم ولأنها من
(١) (فعليه القضاء ... ) لا يقال: روت عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبلها وهو صائم ويمص لسانها. أخرجه أبو داود (انظر ص ١٢٣ و ١١٤ ج ١٠ - المنهل العذب المورود- الصائم يبلع الريق) لأنا نقول: قال ابن الأعرابي: بلغني عن أبي داود انه قال: هذا الإسناد ليس بصحيح. وعلى فرض صحته يحتمل أن يكون المعنى يقبل في الصوم وبمص لسانها في غيره، ويحتمل أن يمصه ثم لا يتبلعه.