للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

استكباراً ولجهلهم وعدم تدبرهم يقرأ القاريء آيات العذاب والغضب واللعنة والطرد والوعيد فلا خوف ولا خشوع ولا خضوع بل يكون منهم الاستحسان وإظهار الرضا بقولهم الله الله غافلين عن قول الله تعالى: "ولو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعاً متصدعاً من خشية الله وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون" (١).

(فعلى) العقلاء أن يتأدبوا في مجلس القرآن لأنهم حينئذ في حضرة الرحيم الرحمن الواحد القهار العزيز الجبار وأن يمنعوا العبث والريح الكريه ورفع الصوت والاشتغال بغير تدبر الآيات وأن يعملوا بما يتلى عليهم فيقفوا عند الحدود فلا يراهم مولاهم حيث نهاهم ولا يفقدهم حيث أمرهم.

(ومنها) تعجيل السحور فهو خلاف السنة لما تقدم (٢).

(ومنها) التسحير وهو مناداة بعض الناس في الشوارع والحارات والطرق بكلمات يوقظون بها الناس للسحور فإن هذا لم يكن في شهد النبي صلى الله عليه وسلم ولا أمر به ولم يكن من فعل من مضي والخير كله في الاتباع والشر في الابتداع. ومما يزيد الطين بلة أن المسحرين يقومون إلى التسحير بعد نصف الليل فيكون لا فائدة في السحور ولا يساعد على أداء العبادة على وجهها الأكمل بلا مشقة. وإذا تسحر مبكراً فإنه يكسل عن قيام الليل لغلبة النوم عليه بخلاف ما إذا تسحر قريباً من طلوع الفجر فإنه يشتغل بعده بالطهارة لصلاة الصبح ثم يقضي وقته في ذكر الله حتى تطلع الشمس ثم ينصرف إلى عمله نشطاً (وبهذا) يحصل له التهجد ليلاً ويخف عليه الصوم نهاراً وينضبط حاله ولكنا نرى الناس في هذا الزمن يسهرون في المقاهي ودور الملاهي بزعم إحياء


(١) آية ٢١ سورة الحشر.
(٢) تقدم ص ٤٥٠.