للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(٣) متى فرض الحج؟ : الصحيح أَنَّهُ فُرِض سنة تسع من الهجرة، وأَمَّا قوله تعالى: {وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ} (١) فإِنها وإِن نزلت سنةَ سِتًّ فليس فيها فريضةُ الحج وإِنما فيها الأَمُر بإِتمامِه وإِتمامِ الْعُمْرَةِ بعد الشُّرُوع فيهما، وذلك لا يقتضى وجوب الابتداءِ.

(٤) تأخير الحج: هو فرض على التراخي عند الشافعى ومحمد بن الحس، فلا يأْثم المستطيع بتأْخيره إِن حجَّ قبل مَوْتِه، وإِلاَّ تَبَيَّنَ إِثمه بالتأْخير. (قال) الربيع بن سليمان: أَنبأَ الشافعى قال: نَزَلَتْ فريضةُ الحجَّ على النبى صلى الله عليه وسلم بعد الهجرة وافتتحَ رسول الله صلى الله عليه وسلم مكةَ فى شهر رمضان، وانصرف عنها فى شوال واستخلف عليها عتَّاب بن أَسِيد فأَقام الحج للمسلمين بأَمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة قادر على أَن يحج وأَزواجُه وعامةُ أَصحابه، ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تَبُوكَ، فبعث أَبا بكرٍ فأَقَامَ الحَجَّ للناس سنةَ تسعٍ ورسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة قادِرٌ على أَن يحجَّ ولم يحجَّ حتى سنة عشر، فاستدللنا على أَن الحج فرضه مرةٌ فى العمر، أَوله البلوغ وآخره أَن يأْتي به قبل مَوْتِه. أخرجه البيهقي (٢) {٢}

وقال: واستدل أَصحابنا بحديث كعب بن عُجْرة على أنها ـ يعنى فريضة الحج ـ نزلت زمن الحديبية، فقد حَدَّثَ عبد الرحمن بن أَبى ليلى أَن كعبَ بن عُجْرة رضى الله عنه قال: وقف علىَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحديبية ورأسِى يتهافت قملاٌ، فقال: أَتُؤْذِيكَ هَوَامُّكَ؟ قلتُ: نَعَمْ يا رسول الله، قال: فاحْلَقْ رَأْسَكَ، ففىَّ نزلت هذه الآية: {فَمَن كَانَ


(١) سورة البقرة، الآية ١٩٦.
(٢) انظر ص ٣٤١ ج ٤ سنن البيهقى (تأخير الحج).