للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحج، فلا يلزم المقْعَد ومَنْ معه الأداء بأَنفسهم، وعليهم إِنابة غيرهم ليحجَّ عنهم إِن كانوا مستطيعين، ويجزئُهم حجه إِنْ دام العجز إلى الموت، فإِنْ زال حَجُّوا بأَنفسهم. ومحل الخلاف إذا لم يقدر من ذكر على الحج وهو صحيح، فإِنْ قدر ثم عجز قبل الخروج تقرر فى ذمته فيلزمه إحجاج غيره عنه من منزله اتفاقاً. ودليل ذلك حديث ابن عباس رضى الله عنهما أَن امْرَأَةٌ مِن خَثْعَم قالت: يا رسول الله، إِنَّ فريضةَ اللهِ على عِبادِه فى الحجِّ أَدركَتْ أَبى شَيْخاً كبيراً لا يستطيُع أَن يَثْبُتَ على الرَّاحِلة، أَفأَحُجَ عنه؟ قال: نَعَمْ. وذلك فى حجَّةِ الوَداع. أخرجه مالك والشافعى والشيخان وأبو داود والنسائى. وأخرج نحوه الدارمى (١) {٥٠}

وقال الترمذى: وقد صَحَّ عن النبى صلى الله عليه وسلم فى هذا الباب غير حديث، والعمل على هذا عند أهل الْعِلم. وبه يقول الثورى وابن المبارك والشافعى وأحمد وإسحاق، يرون أَن يُحَجَّ عن الميت. وقال مالك: إذا أَوْصَى أن يَحُجَّ عنه حُجَّ عنه. وقد رخَّص بعضهم أن يُحَجَّ عن الحىّ إذا كان كبيراً وبحال لا يقدر أن يحجَّ، وهو قول ابن المبارك والشافعى (٢)، وهو أَيضاً قول أحمد وابن حبيب المالكى والمختار عند الحنفيين، فيجوز عندهم الحج عن الْغَيْر سواءٌ أَوجب عليه الحج حال الصِّحَّة أم حال العجز بأَن قدر على الإنابة، وحاصِل مذهبهم أنه تجوز النيابة فى نفل الحج مطلقاً. ولا تجوز فى فرضه إلاَّ بشَرْطِ العجز المستمر إلى الموتِ ويقع عن المحجوج عنه. ويُشْترط النِّيَّة عن المحجوج عنه، ويندب ذكره فى التلبية، بأَن


(١) انظر رقم ٨٦ ص ١٠١ ج ١ تكملة المنهل (الرجل يحج عن غيره) وباقى المراجع بهامش ٢ ص ١٠٦ منه.
(٢) انظر ص ١١٣ ج ٢ تحفة الأحوذى (الحج عن الشيخ الكبير والميت).