للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأَحَابيش (١) فأَتي رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وأَخبره الخبر، فَدَعا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عُمَرَ بن الخطاب رضي الله عنه ليبعثه إلى مكة، فاعْتذر وأَشَارَ بإِرسال عُثمان بن عَفَّان رضي الله عنه، فبعَثَهُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم ومعه كِتَاب، وأَمَرَه أَنْ يُبَشِّرَ المستضعفين بمكة بالفتح قريباً. فخرج عُثمان إَلى مكة فوجد قُرَيشاً قد اتفقوا علي مَنْع النبي صلي الله عليه وسلم من دُخُول مكة.

وأَجارَهُ أَبانُ بن سعيد بن العاصِي حتى بلَّغ رسالةَ النبيّ صلي الله علية وسلم وقرأَ عليهم الكِتَاب، فَصَمَّمُوا على أَن النبي صلى الله عليه وسلم وأَصحابه لا يَدْخُلُونها هذا العام، وقالوا لعثمان رضى الله عنه: إِنْ شئْتَ أَن تطوف بالبيت فَطُفْ، قال. ما كُنْتُ لأَفْعَلَ حتى يَطُوفَ النبي صلى الله عليه وسلم، واحْتَبسَتْه قريش وأُشِيعَ أَنه قُتِل، فقال رسول الله عليه وسلم: لا نَبْرَحَ حتى نُنَاجِزَ القَوْمَ وبايع أَصحابه بَيْعَة الرِّضْوان تحت الشجرة، وَوَضَع النبيُّ صلى الله عليه وسلم شماله في يمينه وقال: هذه عن عثمان، مشعراً بأَنه لم يُقْتل. ولما سَمِعَ المشركون بهذه البيعة أَخَذَهُم الرُّعْب وأَطلقوا عثمان من حَبْسِه، وصَالَحُوا النبيَّ صلي الله عليه وسلم على أَلاَّ يدخُلَ مكةَ في هذا العام، بل في العام القابل يدخلها بغير سلاح، ويُقيم فيها ثلاثة أَيام فقط (٢)، فَتَحَلَّل النبيُّ صلى الله عليه وسلم من العمرة بالحَلْق والذَّبْح، وأَمَرَ أَصحابه بذلك.


(١) الأحابيش الجموع وهم حلفاء قريش: بنو الهون بن خزيمة وبنو الحارث بن عبد مناة وبنو المصطلق من خزاعة، وتحالفوا تحت حبشى (بضم فسكون: جبل بأسفل مكة) فسموا بذلك.
(٢) انظر تمام الكلام على صلح الحديبية بهامش ص ٢٣٨ ج ٥ الدين الخالص.