للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

١٣ - الكلام - وهو صفة وجودية قديمة قائمة بذاته تعالى تدل على كل موجود واجبا أو جائزا، وعلى كل معدوم محالا أو جائزا. وليس كلامه تعالى بحرف ولا صوت، ولا يوصف بجهر ولا سر ولا تقديم ولا تأخير ولا وقف ولاسكوت ولا وصل ولا فصل، لأن هذا كله من صفات الحوادث، وهى محالة علية تعالى. ودليله قوله تعالى: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً} (١٦٤) النساء، ولأنه تعالى لو كان غير متكلم لكان. أبكم، والبكم نقص محال فى حقه تعالى لو كان غير متكلم لكان. أبكم، والبكم نقص محال فى حقه تعالى. القرآن والتوراة والإنجيل والزبور وباقى الكتب المنزلة، تدل على بعض ما يدل عليه الكلام القديم، قال تعالى: {قُل لَّوْ كَانَ البَحْرُ مِدَاداً لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ البَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَداً} (١٠٩) الكهف. وقال: {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ} (٢٧) لقمان. وله تعالى صفات غير ذلك كالجلال والجمال والعزة والعظمة والكبرياء والقوة وهى القدرة، والوجه والنفس والعين واليد والأصابع والقدم (١) والمحبة والرضا والفرح والضحك والغضب والكراهة والعجب والمكر ونحو ذلك مما ورد فى الكتاب والسنة. فيجب الإيمان به بلا كيف فنقول: له تعالى يد لا كالأيدى.

ونفوض معرفة ذلك، وتفصيله إلى الله تعالى ولا نؤول أن يده تعالى قدرته أو نعمته وأمثال ذلك، لأن فيه إبطال الصفة التى دل عليها الكتاب والسنة، ولكن نقول يده صفة له بلا كيف وهكذا. وغضبه ومكره واستهزاؤه غير انتقامه وغير إرادة الانتقام. بل من صفاته بلا كيف. وهذا مذهب السلف فى المتشابهات. وبه نقول. وسيأتى لهذا مزيد بيان إن شاء الله تعالى.

هذا ما يلزم اعتقاده ومعرفته تفصيلا من الواجب فى حقه تعالى.


(١) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تزال جهنم يلقى فيها وتقول هل من مزيد حتى يضع رب العزة فيها قدمه فيزوى الى بعض (الحديث) أخرجه الشيخان والترمذى عن أنس [١٥] ص ٢٤٠ ج ٣ تسير الوصول. وفيه (وقدم رب العزة) كفاية عن اهل النار الذين قدمهم الله لها من شرار خلقه و (فيزوى) اى يضم ويجمع.